
أ.د. رضا عوض
جابر بن حيان
هو أبوموسى جابر بن حيان الأزدى، وُلد فى مدينة حران فى شمال العراق وكان والده يعمل صيدلياً وينتمى الى قبيلة أزد وهى قبيلة يمنية هاجرت الى الكوفة فى عصر الدولة الأموية. عاش فى القرن السابع الميلادى وعمل فى مجال الكيمياء والصيدلة والطب وكان عالماً أيضاً فى الفلك والهندسة والجيولوجيا والفلسفة وعلم الطبيعة. كان والده من أنصار الحكم العباسى وكان يؤازرهم ضد الأمويين فأرسله العباسيون الى خوراسان (إيران اليوم) لينال تأييدهم ضد الأمويين ولكنه قُبض عليه هناك وأُعدم وغادرت أسرته الى اليمن وهناك تعلم جابر القرآن والرياضيات وبعد سيطرة العباسيين على الخلافة رجع جابر وأسرته الى الكوفة وبدأ ممارسة الطب تحت رعاية وزير الخليفة هارون الرشيد وأصبح تلميذاً وتابعاً للإمام السادس جعفر الصادق.
يُعتبر جابر بن حيان واحدا من أعظم علماء العالم العربي، فقد ترك تراثاً علمياً كبيراً نحو 112 كتابا مهداة الى وزير الخليفة هارون الرشيد وسبعين كتاباً فى الكيمياء من بينها كتاب الزهرة وكتاب الأحجار. تُرجمت كتبه إلى اللاتينية وتحتوى على بعض كتبه على نظريته الشهيرة عن التوازن فى الطبيعة وذكر جابر فى كتبه فضل المصريين القدماء والاغريقين والفرس على علم الكيمياء.
اعتمد جابر على إجراء التجارب الكيميائية ويرجع له الفضل فى اكتشاف واستعمال عشرات من الأدوات التى تُستعمل فى معامل الكيمياء الحديثة اليوم وأشهرها جهاز «الأمبيق» للتقطير الكيماوي. كان دقيقاً فى إجراء التجارب الكيميائية وكان يقول دائماً إن الأساسيات المهمة فى علم الكيمياء هى إجراء التجارب للوصول الى الحقيقة، وهو الذى أرسى علم معادلات الكيمياء الحديثة وله الفضل فى اكتشاف وسائل جديدة لتحسين صناعة الصلب ومنع الصدأ والتى تستعمل حتى الآن، وكذلك صناعة الذهب ودبغ الجلود والصباغة واستعمال أكسيد الماغنسيوم فى صناعة الزجاج والتى تستعمل حتى الآن.
نَجح ابن حيان فى اختراع نوع من الحبر يُمكن بواسطته رؤية الكتابة ليلاً، كما اخترع نوعا من الورق يُقاوم الماء والحريق، ولقد اكتشف جابر عشرات المعادن والأحماض لأول مرة فى تاريخ الكيمياء، وحضّر أيضاً ماء الذهب والصودا الكاوية، ونجح فى تحضير الأحماض مثل حمض الكبريتيك، النيتريك، هيدروكلوريك، واكتشاف المعادن مثل: الزنك، انتمون، البزموت، الكبريت، والزئبق فأصبحت هذه المواد أساساً للكيمياء الحديثة.
كما أضاف الجديد إلى عملية التبخير والتقطير والتبلور والمزج والتسييل، وهو أول من فصل معدن الذهب عن الفضة باستعمال الحامض وهى طريقة تستعمل حتى الآن. كما اهتم جابر أيضاً بدراسة الطب والفلك وكان عالماً فى الهندسة الكروية. ومهّد جابر الطريق للعلماء العرب من بعده فى علم الكيمياء كالكندى والرازى والذين عاشوا خلال الفترة من القرن التاسع حتى القرن الثالث عشر وفى العصور الوسطى تُرجمت كتب جابر بن حيان الى اللاتينية واصبحت مرجعاً لهذا العلم فى اوروبا لعدة قرون وبالأخص كتاب الكيمياء الذى ترجم بواسطة روبرت شيستر عام (1144م) وكتاب السبعين بواسطة جيراردى كريمونة عام (1187م) ولقد قال عنه ماكس مايرهوف ”إن أثر ونفوذ جابر ابن حيان موجود بعمق فى تاريخ الكيمياء الاوروبية“. وقال عنه المؤرخ الكيميائى اريك جون هولميارد: ”إن أهمية جابر بن حيان فى تاريخ الكيمياء مساوية لعمل روبرت بويل ولافوازية“وفى عام 815م تُوفى جابر بن حيان فى مدينة الكوفة تاركاً تراثاً عظيماً فى علم الطب والكيمياء الحديثة.