السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر وأمريكا

مصر وأمريكا






مهما تعارضت المصالح ستظل العلاقة بين مصر وأمريكا علاقة «الكبار» فالولايات المتحدة دولة عظمى عالميًا، ومصر دولة عظمى إقليميًا، وفى حالة التنافر يضع كل منهما الاخر فى دائرة حسابات قراره، وفى حال التفاهم لا يستطيع اى طرف الاستغناء عن الاخر فى قراره ولا أن يحدد توجهاته بعيدًا عن الاخر .
لا أؤمن بحديث التبعية الذى يطلقه البعض على العلاقة بين البلدين، لأن التبعية تعنى سيطرة طرف على العلاقة وتوجيهه للطرف الثاني، وهى معان أبعد ما تكون عن القدرة المصرية على طرح إرادتها ورؤيتها فى اجندة العلاقات، ومسألة طرح الرؤى والارادات متنوعة الادوات وقابلة للتنفيذ بوسائل عدة وليست وسيلة واحدة كما يتصور البعض .
لا تستطيع الولايات المتحدة تجاهل القرار المصري، ولو فى اصعب لحظات الخلاف، ولعل حالة اوباما – السيسى خير شاهد على ذلك، وعلى الرغم من عدم اعتراف الرئيس الامريكى السابق بثورة 30 يونيو الشعبية إلا أنه اعترف بالرئيس عبد الفتاح السيسى، فالادارة الامريكية لا تستطيع الدفاع عن مصالحها فى الشرق الاوسط  بعيدا عن مصر.
وعلى الرغم من كراهية جماهير ثورة يونيو لـ«الربيع العربى» والرموز الامريكية التى وقفت خلفه تحركه من خلف الستائر، الا ان هذه الجماهير ذاتها تقبلت هذا التوافق المحدود مع ادارة اوباما، على خلفية المصالح المشتركة التى يجب ان نتوافق عليها، و«يبقى فى النفس ما فيها من مشاعر».
إذن العلاقة بين الطرفين علاقة تمسك بالتواصل، والاصرار على البحث عن المشتركات، لأن المتغيرات الدولية والاقليمية الحاصلة، جعلت من قدرات الطرفين مكملة للآخر، وجعلت من فكرة الانفصال بينهما ضارة بكل طرف .
حين منحت السفارة الامريكية بالقاهرة عام 52 كل اهتمامها للقاء رجال الجيش من قادة ثورة يوليو، كان ذلك الاهتمام بداية مبكرة للتعامل مع الدولة المصرية بمفهوم مختلف عما كان سائدا، صحيح انها فى جانب منها كانت محاولة لوراثة الامبراطورية البريطانية، لكنها فى الوقت ذاته كانت ايمانا بأن للدولة المصرية دورا اوسع اقليميا ودوليا فى ظل قيادة جديدة  شابة ووطنية تسعى للنهوض بمقدرات شعبها .
المؤكد ان العلاقات بين البلدين تمر بمراحل صعودا وهبوطا، وهى إن كانت أفضل الآن من سابقتها مع ادارة اوباما، الا انها ليست الافضل، وهو طبيعى فى ظل تعارض وتضارب المصالح فى العديد من الملفات، إلى جانب التداخل والتفاهم والتقاطع فى العديد ايضا من الملفات الأخرى، وهى كلها معان تنفى حديث التبعية الساذج الذى يستسهل البعض الحديث  به دون ادراك لمعانيه.
ستظل العلاقات المصرية – الامريكية رمانة الميزان فى الشرق الاوسط، وأساس الاستقرار فى الإقليم، لأن مصر دولة محورية مركزية عظمى فى المنطقة، وأى محاولة للإخلال بتوازناتها واستقرارها سيؤدى الى هز اسس واركان المنطقة كلها، وهو ما تفهمه الادارة الامريكية الحالية، وتفهم جيدا انعكاسات اى اختلال على مصالحها الداخلية فى بلادها والإقليمية فى المنطقة.
العلاقات بين الدول تقوم على التفاهم والتعاون إذا كان كل طرف يملك ما يقدمه للآخر، والدولة المصرية تملك الكثير من الادوات والاوراق الكفيلة بتحقيق التوازن فى العلاقة بين الطرفين .