الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صاحب صاحبه

صاحب صاحبه






«يا إسكندرية بحرك عجايب ياريت ينوبنى م الحب جانب تحدفنى موجة والبحر هوجة والصيد مطايب، أغسل هدومى وانشرهمومى على شمسة طالعة وأنا فيها دايب، كأنى فلاح من جيش عرابى مات ع الطوابى وراح فى بحرك، كأنى نسمه فوق الروابى م البحر جايه تغرق فى سحرك، كأنى كلمه من عقل بيرم كأنى غنوة من قلب سيد، كأنى جوا المظاهرة طالب هتف باسمك وراح معيد»، ببساطة شديدة مثل هذه لخص الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم فى إحدى قصائده حكاية الإسكندرية.
الإسكندرية مهما سيطر عليها تيارات مثل السلفيين تظل هى الإسكندرية المدينة التى تحتوى الجميع وتشع دفئا وحبا يكفيان العالم كله.
الإسكندرية بالأمس مرت ذكرى تأسيسها فى هدوء فالسابع من أبريل هو ذكرى نشأتها على يد الإسكندر المقدونى، عام 332 ق.م.
«بس الحقيقة مش هى دى الحكاية» الحكاية أن فى الإسكندرية من 3 أسابيع شاب صغير أعاد لى الأمل فى بكرة، شاب بسيط، قدم جزء من جسمه لصديقه علشان يعيش.
انتظرت شهر تقريبا أنى أشوف الشاب ده فى الفضائيات، والصحف، أشوف الاحتفاء به بدلا من الاحتفاء بالمسخ اللى بيرقص عريان وفيديوهاته وأغانيه الهابطة بيشوفها الملايين، لكن خاب ظنى، لا حس ولا خبر على الولد الإسكندرانى الجميل.
الشاب الجميل ده اسمه محمود عبدالله طالب فى كلية العلوم جامعة الإسكندرية.
محمود اتبرع لصديق عمره وزميله فى الكلية أحمد عطا الله بـ60% من الكبد.. أيوه 60% الرقم صحيح، عينيك مش مزغللة ولا حاجة.
أحمد كان محتاج زراعة كبد، وإلا حياته كلها مهددة، عبدالله لم يفكر كثيرا تقدم بشجاعة وأعطى لصديق عمره جزءا من كبده لعيشا معا.
حكاية محمود بتأكد أن لسه فيه أمل أن أخلاقنا والجدعنة والشهامة المصرية ترجع تانى ونبقى زى زمان، محمود ذهب لأمه وقال لها إنه هيتبرع لصديق عمره بجزء من كبده.
أم عبد الله نفسها حسب المنشور من الحكاية قالت «أنا حطيت نفسى مكان أم عبد الله ساعتها اتمنيت إن أى حد يتبرع لابنى».
فحوصات طبية معقدة لإجراء العملية فى سرية تامة وكتمان شديد فهذه رغبة محمود الذى قرر أن يكون عمله خالصا لوجه الله، وأصر على كتمان الأمر حتى على أقرب المقربين منهما.
نجحت العملية ونجا الصديقان، خرجا للحياة معا، خرجا ليقولا لنا جميعا، لسه فيه أمل مش حقيقى أن الناس فى مصر فقدت أخلاقها، مش حقيقى أن كلنا بنقول أنا ومن بعدى الطوفان، لسه فيه ناس جدعان وأسر عارفة تربى ولادها على الحب والخير والانتماء، لسه فينا ناس عارفة يعنى أيه صداقة، وراجل وكلمة شرف، مش كلنا بقينا مسخ زى المسخ اللى بيصدروه لنا على أنه النموذج للشباب.
خلصت حكاية محمود ابن الأسكندرية الجدع والشهم، بس المفروض الحكاية تبدأ عندنا كلنا، قنواتنا وجرايدنا، اعلامنا بالكامل بدلا من الغث والردىء الذى ملأ حياتنا، عليهم البحث عن محمود وصديقه، والنماذج المشابهة، همه دول النجوم الحقيقية، دول اللى المفروض يتصدروا المشهد الإعلامى ونقدمهم لأولادنا كنماذج حقيقية، نتمنى نشوف ولادنا زيهم، مش النماذح التافهة التى ملأت حياتنا.
 محمود وصاحبه المفروض يكون ضيف دائم بدلا من قضايا الاغتصاب والشذوذ والأب اللى قتل ابنه والابن اللى قتل أمه اللى الفضائيات ملأت به حياتنا، وحسستنا أننا نعيش فى مستنقع لن نخرج منه أبدا.
 شكرا محمود أنك اديتنا الأمل، شكرا لأسرته اللى أثبتت أن التربية والأخلاق أهم من حاجات كتير شغلنا أنفسنا بها وشغلنا بها الإعلام الرديء، عندى أمل أن أشوف محمود وأسرته بيتكرموا من كل الجهات فى الدولة، عندى أمل، محمود وأسرته يكونوا ضيوف كل الشاشات، حكايتهم وصورهم تطاردنا فى كل مكان.