السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشروع قانون الجمعيات

مشروع قانون الجمعيات






أن تصل متأخرا خير من ألا تصل، من الأقوال المأثورة المُشجعة على تصحيح الأخطاء حتى ولو بعد مساحة من الزمن، واعتبار التأخر فى التصويب والتصحيح ثم تعديل الأوضاع أفضل كثيرا من الاستمرار فى الخطأ ورفض الصواب.
هذا المثل ينطبق تماما على مسيرة قانون العمل الأهلى فى مصر، الذى وجد غضبا واسعا من غالبية  المعنيين بالشأن ولم يلق ترحيبا ولا تأييدا إلا من البعض، الذين انقلبوا هم أنفسهم عليه، حين قرر السيد الرئيس التدخل لتصحيح المسار وتصويب الأمر .
ما تردد مؤخرا عن تعديلات أدخلتها الحكومة على القانون، واستعدادها بمشروع قانون، يتضمن تصويبات وتصليحات عدة، أمر محمود ومشكور، وتأكيدا لرغبة الدولة المصرية وتوجيهات السيد الرئيس للحكومة بتحقيق التوافق .
بيان السيدة غادة والى وزيرة التضامن حول الأمر، تضمن رؤى وأفكارا مُشجعة، وتثير الأمل مرة أخرى فى تحقيق توافق مجتمعى حقيقى حول المشروع الجديد المقترح، ويبعد بنا مساحة كبيرة من الزمن عن حالة الخلاف التى سادت لفترة ما كان يجب لها أن تطول.
معالى الوزيرة تحدثت عن مبادئ جوهرية، الترخيص بالإخطار، القضاء هوالحكم، لا عقوبات سالبة للحرية فى نصوص التشريع، لا تدخل فى شئون الجمعيات، الاستقلال الكامل فى إدارة الجمعيات لشئونها.
لا يعنى ذلك انتهاء كل المشكلات، أو إزالة كل العقبات، إنما يعنى وهوالأهم، أن هناك رغبة لدى الدولة فى التفاهم، وهناك إرادة دولة تسعى لتنفيذ رؤاها، وتعمل على تحطيم عقبات ربما تخلق حواجز وعثرات فى طريق التوافق والتفاهم العام بين مكونات الأمة .
حين وصفت قانون الجمعيات السابق بأنه من مخلفات ترسانة القوانين الساداتية المقيدة للحريات، وأن هذا التشريع أقام جدارا بين المجتمع المدنى وبين الدولة، كنت واضحا فى أن هذه الطرق والسبل لا تنهى خلافات ولا تخلق توافقات، وأن مناخا مثل ما صدر به القانون ليس مناخا منتجا لعمل تطوعى عام، وإنما هو مناخ احتقان، وهوما وصفه السيد الرئيس بأنه مناخ «فوبيا»، وقد كان السيد الرئيس مُحقا فى ذلك .
التدخل الرئاسى فى الأمر أتاح مناخا مناقضا تماما لما كان سائدا، لقد شاهدنا جلسات حوار مجتمعى حقيقى توافرت لها كل العوامل والمواصفات، وتحققت فيها القواعد والأسس المطلوبة للتفاهم والتوافق، وتابعنا حوارات ومناقشات، ومقالات وأفكار ورؤى، أكدت أن مناخا ملائما للحوار كفيل بإنتاج أفكار مغايرة تماما.
صحيح أن الحكومة لم تعلن مشروع قانون العمل الأهلى الجديد، وصحيح أننا لم نطلع حتى الآن على النصوص، وصحيح أن الحكم يتم على النص فى سياقه وإطاره العام وفى مدى تطابق نصوصه مع المبادئ المرجوة، وهوما ننتظره ونتطلع لمشاهدته وقراءته.
اعتقادى أن الحكومة هذه المرة لن تُخيب الظن بها، فلديها فرصة جيدة لتحقيق توافق، لا يحقق كل النتائج، إنما يحقق على الأقل الحد الأدنى المطلوب من التوافق، ويخلق مناخا من الرضا العام، يفتح الباب لتوسيع دوائر المشاركة فى العمل العام والطوعى ودوائر صناعة القرار.