
حازم منير
البهى والمرزوقى
ما يجمع بين بهى حسن «الناشط الحقوقى» المصرى وبين المنصف المرزوقى نظيره التونسى والرئيس السابق أكثر بكثير مما يفرقهما حتى لوكانت الجنسية التى يحملها كل منهما، وأهم ما يميزهما ويجمعهما تاريخهما السياسى وتراوحهما وتخبطهما بين أحضان الشيوعية والليبرالية والإخوان رغم كراهية كل واحدة من الثلاثة للأخرتين.
ولعل صداقتهما المتينة ترجع إلى نهاية التسعينيات ويُمكن قبلها بالقطع، لكن هذه المرحلة بالذات تمثل عنصرا مهما للبهى، الذى سعا إلى تحقيق حلمه التاريخى بالهجرة مبكرا للشمال بحثا عن الرزق تحت شعارات حقوق الإنسان وحماية الشعب المصرى.
فى نهاية التسعينيات لعب البهى دورا مهما فى واحدة من عمليات شق الحركة الحقوقية المصرية، وقتها رفع شعار «نغلق فى الداخل ونرحل للخارج»، ودعا شركائه إلى اللحاق به وإغلاق مراكزهم ومنظماتهم فى الداخل والهجرة إلى العاصمة البلجيكية بروكسل – بالصدفة فيها مقر حلف الأطلنطى – لافتتاح مقرات لمنظماتهم، وبدء مرحلة النضال من الغرب بين الأقران الغربيين فى حلف الناتو والبيت الأبيض أوالاتحاد الأوروبى.
دعوة البهى التى لم تلق قبولا وقتها، لكنه حققها مؤخرا، حين خرج بمفرده، ثم لحق به البعض من أتباعه وآخرين، حين اكتشفوا بتجربة الرجل، أنها وسيلة مناسبة للعيش والعمل وتحصيل الأموال تحت مسمى النشاط الحقوقى، بعد أن أصبح تحصيله على الأرض داخل الوطن من الصعوبة بمكان .
ما علاقة المرزوقى الرئيس التونسى السابق الناشط الحقوقى المعروف بنظيره وصديقه البهى ؟ العلاقة بسيطة جدا تاريخيا معروفة بالانتقال من الشيوعية واليسارية إلى الليبرالية، والأهم منها تجربة الهجرة إلى الشمال، فالرفيق التونسى هاجر إلى باريس حيث عاصمة النضال، وهى نفسها المدينة التى لحق فيها البهى صديقه بها، ليتزوج منها ويناضل فيها، ومنها لافتتاح مكتبه فى تونس، بجوار مكتب صديقه المرزوقي.
الأهم فى علاقة البهى بـ المرزوقى، أن الأخير وضع أساس مستقبله السياسى والمهنى بالتحالف مع حركة الإخوان التونسية، التى دعمته وذهبت به إلى مقعد الرئاسة، وحين « خربت « الدنيا فى بلد الزيتون، بسبب رعونة وأخطاء المرزوقى، انفض عنه الإخوان وباعوه فى الانتخابات التالية فسقط سقوطا سياسيا مريعا .
ويبدو أن البهى قرر مواصلة مسيرة زميل الدرب والكفاح، وغاص فى حلم الرئاسة الذى تحقق للمرزوقى فلماذا لا يتحقق له ؟ ولأن المسيرة عسيرة وطويلة، التقط البهى خيط المرزوقى، وتحالف مع جماعات الإخوان الإرهابية، ومموليها الإقليميين، ونسج شبكة من خيوط المهاجرين الحقوقيين الباحثين عن عمل فى بلاد الغرب، مستهدفا قيادة حملات ضد الدولة المصرية أملا فى إسقاطها والعودة للجلوس على أنقاضها رئيسا كما فعل خليله المرزوقى .
ما لم يفهمه البهى فى علاقته بتجربة المرزوقى، أن الأخير تسبب فى المزيد من الانهيار لبلاده، وأنه ساهم فى إحكام الإخوان قبضتهم على البلاد، وأنهم « شاطوه بالشلوت « حين سقط حتى لايسقطوا معه، هذا ما لم يفهمه البهى من رفيق دربه المرزوقى الذى لم تنفعه هجرة للشمال، ولا نضال الخارج، ولا أموال الغرب، ولا التحالف مع جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارهم ومموليهم .