الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبدالرحمن فهمى لسعد زغلول: الإنجليز يخنقون الصحافة الوطنية!

عبدالرحمن فهمى لسعد زغلول: الإنجليز يخنقون الصحافة الوطنية!






كان أكثر ما يشغل بال «سعد زغلول» باشا أثناء وجوده فى بارس لحضور «مؤتمر السلام» هو موقف الصحافة فى مصر من تطورات الأمور والأحداث الجارية، وكان «عبدالرحمن فهمى بك» سكرتير اللجنة المركزية بالوفد هو من يقوم بهذه المهمة عبر رسائله وتقاريره التى كان يرسلها إليه، ومن هذه الكتابات قوله لسعد باشا:
«إننا مراقبون لكتابات الجرائد كلها وخصوصًا وادى النيل فلم نرها تعرض للوفد إلا مرتين من طريق غير مباشر.
الجرائد كلها تقريبًا لمصلحة القضية وتؤيد الوفد رغمًا عن أنفها لأنها مضطرة للسير مع التيار الذى وجهته الآن ما عدا جريدة «الأفكار» التى اتخذها الحزب الوطنى لسانًا له وهى كانت تظن أنه يمكنها أن تغير أفكار الرأى العام ولو قليلاً لينحرف عن الالتفاف حول الوفد ولكنها عجزت عن ذلك، لأنها وجدت نفسها مكروهة وليست مرغوبا فى قراءتها لمجرد إحجامها عن نشر أعمال الوفد التى وردت لنا وترجمناها وجارين فى توزيعها تباعًا على الجرائد كلها، فظهرت فى معظم الجرائد حرفيًا، وفى البعض الآخر ظهرت مختصرة أو بتحريف بسيط إلا جريدة الأفكار فلم تنشر شيئًا منها لذلك مجها الرأى العام ولم يقبل عليها.
ولتعلموا سعادتكم أن مسألة «مراقبة الصحافة أخذتها على عاتقى وأظن بل وأؤكد أننى نجحت فى جمع معظمها حول الوفد، تتكلم بأفكاره وتنشر رغباته وآراءه، وأن لمحة صغيرة إلى الجرائد الآن تؤكد ما أقول».
وفى تقرير آخر يكتب عبدالرحمن فهمى لسعد متسائلاً: نرجو الإفادة عما إذا كانت الجرائد اليومية جار وصولها للوفد ـ سعد وزملاءه ـ والحالة منتظمة أم لا؟! وإن تكرمتم وأفدتمونا بأسماء الجرائد التى تصلكم بطريقة منتظمة لإجراء ما يلزم نحو إدارة الجريدة غير المنتظم إرسالها».
وصلتنا الجرائد الفرنسية الرسمية وبها خطبة النائب جود وقد ترجمت ونشرت بالجرائد العربية، وكذلك نشرناها بالجرائد «دى كير» لما فى ذلك من تنشيط الشعور الكامن فى قلوب المستضعفين، ولنثبت للممالئين أنه يوجد من غير المصريين من ينتصر لقضية مصر العادلة، فأولى بأبنائها أن يكونوا كذلك.
وبعد فترة يعود عبدالرحمن فهمى فيصف حالة الصحف المصرية فى تقريره لسعد زغلول فيقول: «إن كانت جرائدنا العربية تصلكم باستمرار ففيها ما يكفى للدلالة عن مقدار شعور الأمة وقوة الرأى العام هنا ـ فإنها والحق يقال ـ لحالة ما كنا نحلم بها نحن أنفسنا، فحّى الله هذا الشعب الناهض وبارك الله فى شعوره، ويمكننى أن أصف لكم الحالة فى كلمة واحدة وهى إنه أصبح الآن لا خوف على حركتنا الوطنية من الدساسين المأجورين مهما بذلوا من الجهد والتخويف والتفريق، وكذلك الغاصب الغشوم لن ينجح قطعيًا فى أى تفريق مهما بذل من عوامل جذب القلوب إليه، ولقد قوى صوت الوطنية لدرجة أزعجت أنصار المغتصب وهم قليلون جدًا جدًا من أن يتظاهر أحدهم ويمالئ قولاً أو فعلاً».
وعلى ما يبدو وفقد استاء «سعد زغلول» من بعض ما ينشر فى الصحف فيكتب إليه «عبدالرحمن فهمى» يطمئنه قائلاً:
ـ سبق لاحظنا ما لاحظتموه عن نشر رسائل «مجد الدين» بجريدة مصر وألزمنا صاحب جريدة مصر بالكف عن نشرها وبالفعل توقف عن نشر عدة رسائل مماثلة لما نشر واكتفى بحفظها فى محفوظات الجريدة.
وفى تقرير مهم يحكى عبدالرحم فهمى لسعد زغلول أن اللورد اللنبى المندوب السامى البريطانى اتهمه بتحريض الجرائد والأمة على مناوءة الحماية والطعن على الحالة الحاضرة وجعله تحت مراقبة البوليس ويكتب قائلاً: «أشار رئيس الوزراء ـ يوسف وهبة باشا ـ باتفاقه مع زملائه فى قلم المطبوعات بتقييد الصحافة أكثر من قيدها الأول، فأصبح الآن محرمًا على الجرائد ذكر الاحتجاجات أيا كان نوعها، وسنرسل لكم صورة من هذا القيد فى أول فرصة، ولقد اجتمع أصحاب الصحف اليومية واحتجوا كتابة على هذه القيود الجديدة ومن الغريب إنه حُرم على الجرائد الإشارة إلى هذه القيود أو الاحتجاج عليها ومن يفعل ذلك تقفل جريدته».
وللحكاية بقية