الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حياة عبدالوهاب.. فى ثلاثين حلقة!

حياة عبدالوهاب.. فى ثلاثين حلقة!






فى نهاية السبعينييات من القرن الماضى اتصل الموسيقار الكبير «محمد عبدالوهاب» بالكاتب المسرحى اللامع الأستاذ «سعد الدين وهبة» أن يزوره فى منزله لأمر هام!
وفى هذا اللقاء طلب الأستاذ عبدالوهاب منه أن يكتب قصة حياته فى مسلسل تليفزيونى، حيث كان التليفزيون قد تطور وزاد انتشاره وأصبح بحق أوسع الأنشطة الثقافية جماهيرية، كما انتشر التليفزيون الملون فى دول الخليج وبدأت محاولاته فى مصر.
ويقول «سعد الدين وهبة» عن هذا اللقاء تحدثنا طويلًا واتفقنا على موعد آخر ولا أدرى لماذا صرف نظره عن الفكرة بعد حماسه الشديد لها!
وقبل ذلك بفترة كان سعد الدين وهبة قد بدأ فى كتابة قصة حياة أم كلثوم كوكب الشرق يقوم بإخراجها الفنان الكبير المخرج «يوسف شاهين» وتقابل مع «عبدالوهاب» بالصدفة وسأله، متى ستكتب قصة حياتى فأجابه قائلًا بعد أن انتهى من كتابة قصة حياة أم كلثوم!!
وبعيدًا عن تفاصيل كثيرة توقفت هيئة السينما عن إنتاج الفيلم، وبالتالى توقف مشروع فيلم محمد عبدالوهاب!
ونعود إلى قصة المسلسل التليفزيونى فيقول «سعد الدين وهبة»، «ومرت أيام وعلمت أن إحدى شركات الإنتاج التليفزيونى العربية قد عرضت عليه مبلغًا كبيرًا كى تقدم حياته فى مسلسل من سبع حلقات».
وفى يوليو سنة 1985 علمت من أحد الأصدقاء وأن منتجًا مصريًا اتفق مع عبدالوهاب على إنتاج قصة حياته فى أربع حلقات على ألا تزيد مدة التصوير على ساعتين واتفقا على كل التفصيلات غير أنه فى اللحظات الأخيرة تراجع المنتج لسبب لا ندريه، واقترح علىّ الصديق أن أقوم أنا بعملية الإنتاج بنفس الشروط التى وافق عليها عبدالوهاب.
اتصلت به تليفونيا على الفور وأبلغته ما سمعته وعرضت عليه أن أحل محل المنتج المتردد فوافق على الفور بل ورحب كثيرًا أن يتعامل مع كاتب كما وصفنى! ثم سألته متى نلتقى لنضع اتفاقنا على الورق، ففوجئت به يقول: فى باريس لأننى مسافر غدًا، فأبلغته أنى لن أستطيع السفر إلا فى سبتمبر أو أكتوبر فوافق!
وسافرت مع مقدم برامج مشهور وأجرينا الحديث فى ساعتين بعد أن استأجرنا المعدات والمصور من باريس، كنت أراقب التسجيل وفى قلبى شىء ليس هكذا يناقش عبدالوهاب ولكن ما باليد حيلة وشكرناه وعدنا إلى القاهرة، وذهبت إلى الاستديو لأشاهد ما صورناه وكانت المفاجأة، لقد صورنا برنامجًا مشوهًا فهناك خطوط وفواصل ونقط فوق الشريط واستدعيت المهندسين وقرروا أن المسألة منتهية ولا أمل فى أى علاج هندسى».
وعدت إلى البيت حزينا كاشفًا اتصلت بعبدالوهاب فى فندقه بباريس وأبلغته ما حدث وإذا به يضحك طويلًا مما استفزنى وسألته ماذا يضحكك؟ فرد بهدوء لقد استجاب الله لدعائى لم أكن راضيًا عن هذا التسجيل!».
وطلب عبدالوهاب إعادة التسجيل، وبالفعل كتب سعد الدين وهبة ثلاثين حلقة يسرد فيها قصة حياة عبدالوهاب واتصل به تليفونيًا للاتفاق على موعد التصوير وفوجئ بعبدالوهاب يقول له: «لى شرط واحد وهو أن تناقش أنت لا أريد مذيعًا محترفًا»!!
ورفض سعد قائلًا: «أنا لا أجيد هذا العمل ولا أعرفه وأنا أظهر أمام الكاميرا فى دقائق يسألوننى!!
ولكن كان هذا شرط عبدالوهاب، وتم تصوير الحلقات بالفعل بعنوان «النهر الخالد»، وكانت حدثًا ثقافيًا وفنيًا يندر أن يتكرر وسرعان ما أصدرها «سعد الدين وهبة» فى كتاب لتكتمل متعة القراءة بالمشاهدة!