
رشدي أباظة
«تثبيت» أكثر منه «تعديل»!
هل أتاك حديث التعديلات الدستورية؟
حديث حق لبلد فتحت أحشاؤه فى عشر سنين هى الأسوأ عليه طوال تاريخه الممتد منذ خلق الخلق وإلى يوم الحشر!
سرق البعض حق أقدم بلد نهرى عبر دستور منقوص أعادت التعديلات إليه أهليته الكاملة.
الآن وقد عرفت الدولة المصرية حق شعبها الذى سرقته انتهازية البعض فى لحظة يناير القاسية!
نتحدث هنا بشكل مباشر عن الجدل الدائر والصخب المتصاعد حول مشهد تعديل الدستور فى مصر الآن.
الحديث لا يمكن أن ينفصل عن سياقه كما لا يمكن الالتفاف حوله. الحالة مباشرة وتستلزم تشخيصًا مباشرًا.
إذا ما استعرضنا التحول الدراماتيكى الذى شهدته مصر فى حدود السنوات العشر الماضية سنجد أننا أمام حالة إصرار ليس على التطوير بل على نزع الدولة المصرية بالكامل من سياقها التاريخى والجغرافى. تقابلها مقاومة شديدة لعنفوان هذه الدولة.
المقاومة فى مواجهة محاولات النزع من السياق أدت لانحرافات حادة فى مسيرة «الدولة» لكنها لم تفقد بوصلتها أبدًا. بل ظلت ولا تزال تعانى من أجل ابتغاء وجهتها السليمة بإعادة التموضع ارتكازًا على قاعدتى التاريخ والجغرافيا.
نحن أمام ظرف زمان سيتوقف عنده المؤرخون باستفاضة تفرضها غزارة الأحداث كما تفرضها مقاومة مذهلة للدولة المصرية.
إذا ما ربطنا ذلك بالتعديلات المطروحة فإننا سنجد أنفسنا ليس أمام تعديل مادى لنصوص أو لوضعية أشخاص بل نحن فى الحقيقة أمام حالة ملاحقة دستورية لكيان الدولة المتحرك بعنف يهدد ثبات مؤسساته. نحن أمام حالة تثبيت دستورى للدولة كنهاية لحالة تثبيت الدولة ذاتها.
التعديلات الدستورية ما هى إلا حلقة فى فلاة من حلقات تكوين الدولة الراسخ كالجبال الرواسى!