
رشدي أباظة
لا دينية.. ولا علمانية!
مصر ليست دولة دينية ولن تكون.. ولا علمانية ولن تكون.
هوية مصر دومًا مصريتها. هى فى ذاتها «هوية» تصهر بداخلها كل آتٍ وتلفظ كل غريب.
منذ بدء القرن العشرين تتنازع جماعات وقوى الإسلام السياسى على كثرتها وحركات العلمانية فى قلتها على هوية مصر.
كلاهما يريد خطف أعرق هوية فى التاريخ.
ما بين غلاة التطرف من الجانبين كان السؤال الأزلى الذى ظل يطارد الدولة المصرية:
دينية أم علمانية؟
كلاهما حاول شد أوصال مصر فى اتجاهه.
كلما تشددت قوى الدين المتأسلم فى تطرفها زادت حركات العلمانية فى انحرافها.
ذاك يزايد والآخر يبتعد عن أصل «الهوية المصرية».
المتدينون المتطرفون يحاولون خمد وقتل مساحات النور فى جسد الدولة.
يعادون الفنون ويجرمونها. التعتيم بالنسبة لهم دستور والظلام لهم قانون.
العلمانيون على الجانب الآخر انحرفوا بأصل وفكر «العلمانية» إلى مساحات «تحرر» تتجاوز حتى تلك الموجودة فى المجتمعات الغربية.
المفارقة الغريبة أن المتطرفين دينيا فى مصر.. والعلمانيين يقفون على أرضية مشتركة وهى «اللادولة».
كل منهما يرتكز على أحد طرفى هذه «الأرضية» البغيضة.
يتحاذبون الدولة بقوة فى اتجاهات معاكسة من خلال عملية شد فكرى تهدف لتمزيق الدولة. فإن لم يحدث التمزيق الكامل حتما ستحدث حالة تهتك فى النسيج أو ما يمكن تسميته بعملية «مط فكرى» للهوية الأصلية.
المتطرفون يحاولون تكفير هوية الدولة المصرية الأصيلة من أجل سحبها إلى هوية أممية بادعاء أنها أقدر على تحقيق ما يسمى بالمشروع الإسلامى.
بينما العلمانيون يحاولون العبث فى هذه المساحة لتيقنهم من أن الدين مكون رئيسى فى البنيان الاجتماعى المصرى وسبب فى الحفاظ على السلام الاجتماعى.
غدا نكمل