
حازم منير
الحوار هو الحل
فى كلمته للشعب الجزائرى قال الرئيس المؤقت للبلاد إن الحوار هو السبيل للخروج من أزمة عدم الاستقرار السياسى فى البلاد وبلوغ حل سلمى لما تعيشه الجزائر هذه الأيام، وهو تصريح فى غاية الأهمية.
فالدعوة للحوار تؤكد رغبة الدولة بكل مؤسساتها بالتفاهم والتعاون مع كل الأطراف لإعادة الاستقرار للبلاد، وهى أيضا تأكيد على عدم الرغبة فى الانفراد بالقرار، أو احتكاره، أو استبعاد آخرين من المشاركة فى حل الأزمة السياسية الضاربة بالبلاد منذ استقالة الرئيس السابق بوتفليقة من منصبه.
لكن دعوة رأس الدولة الجزائرى للحوار مؤشر فى الوقت ذاته على مخاوف من رغبة البعض فى فرض الرأى، أو استغلال أجواء الاحتقان السياسى السائد فى تعميق الخلافات ومناخ عدم الثقة لضرب مبدأ الحوار فى مقتل، والانتقال بالبلاد إلى المزيد من الأزمات التى لا تتيح حلولا فى المدى القريب قدر ما تتيح حالة من الفوضى يأمل البعض فيما يبدو لاستغلالها لتحقيق أهداف سياسية خاصة بجماعة ولا تمثل المصالح الوطنية العليا للبلاد.
الحقيقة أن كل الشواهد تؤكد سعى جماعات الفوضى والإرهاب فى فرض المزيد من الارتباك على المشهد العربى، فالتحالف بين الفريقين الفوضوى والإرهابى قائم وواضح فى تعميق الأزمات السياسية بالمنطقة، ويلعب دورا مهما فى زيادة مساحات الفرقة والانقسام.
من هنا جاءت دعوة الدولة الجزائرية للحوار، والتأكيد على أنه السبيل الوحيد لبلوغ حل سلمي، وهى كلمة لها دلالتها، وتشير إلى أن البعض يسعى ليس فقط للفوضى وإنما أيضا ربما إلى مصادمات تؤدى بالبلاد إلى نزاع مسلح على غرار ما جرى فى سوريا وليبيا واليمن ومن قبلهم العراق.
دعوات الحوار لم تتوقف داخل حدود الجزائر، لكنها تكررت أيضا فى السودان، والتكرار يعنى تمسك الدول الوطنية بقواعد ديمقراطية فى تجاوز المراحل الانتقالية، وهى تأكيد أيضا على رفض الانفراد بالحكم أو القرار وأيضا تأكيد على مبدأ المشاركة الجماعية فى اعتماد سياسات وطنية تعيد الاستقرار إلى السودان.
واللافت أن دعوات الحوار تستهدف الحفاظ على اطارات للعلاقات بين مؤسسات الدولة وبين التجمعات الشعبية، وهو توجه إيجابى يؤكد انتهاء مرحلة انفراد المؤسسات بالقرار، وفى الوقت ذاته يضع أساسا ديمقراطيا ويرسخ له فى المجتمع للمشاركة فى القرار، والتى هى واحد من أسباب الانتفاضات الشعبية ضد أنظمة سادت لسنوات طويلة.
المخاوف من تراجع فرص الحوار واعتماده وسيلة لخروج السلمى من حالة عدم الاستقرار السياسى ما زالت قائمة، وبالتأكيد هنا جماعات وقوى لا تريد الاستقرار، وهى تنمو وتنتشر فى أجواء الفوضى والانقسام والصراع، ومن هنا جاءت دعوات الحوار من مؤسسات الدولة فى البلدين، ولتلفت الانظار إلى ما يحاك خلف الكواليس من هذه الجماعات لإثارة الفوضى وتكريس الانقسام.
لقد أجهضت ثورة 30 يونيو مخططات ومؤامرات لجماعة الإرهاب والفوضى ومن ساندهم من مؤسسات ودوائر مخابراتية خارجية، وتسعى هذه القوى بكل الوسائل إلى استعادة ما فقدته، وهى لذلك تخترق كل حالات ورغبات التغيير الاجتماعى فى مناطق مختلفة داخل الاقليم العربى.
الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها هدف يجب الا يغيب، واجهاض مؤامرات ومخططات قوى الفوضى والإرهاب واجب وطنى، والحوار هو الوسيلة والحل لتحقيق ذلك.