الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أجر أم كلثوم وأزمة إذاعية!

أجر أم كلثوم وأزمة إذاعية!






قامت الدنيا ولم تقعد عندما نشرت صحيفة أخبار اليوم فى نوفمبر سنة 1948 أن الإذاعة المصرية تفكر فى الاتفاق مع كوكب الشرق السيدة «أم كلثوم» على أن تدفع لها مبلغ ألف جنيه مقابل إذاعة أغنياتها المسجلة بدلا من أن تدفع خمسين جنيها عن إذاعة كل مسجل من هذه الأغانى!!
روى تفاصيل هذه المعركة الغنائية الأديب والناقد «عباس خضر» فى مقالين لطيفين على صفحات مجلة الرسالة الشهيرة الأول بعنوان «عزيزتى الآنسة أم كلثوم»، والثانى بعنوان «بين مدير الإذاعة وأم كلثوم» بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1948 و28 فبراير 1949 فكتب يقول: «لم أتبين مقصد الإذاعة من ذلك؟! أهى تريد الاقتصاد لأن عدد إذاعة المسجلات فى الشهر مضروبا فى خمسين جنيها يساوى أكثر من ألف جنيه.. أم أن حاصل الضرب أقل من ذلك وتريد زيادة التقدير أو تلبية رغبة فى الزيادة؟! والواقع على أى حال أنها تدفع لك مبلغا كبيرا لا يقل كثيرا عن الألف فى الشهر مقابل أغنيات أخذت ثمن كل منها ثلثمائة جنيه عند التسجيل!!
وأنت تستحقين كل خير وفنك العالى لا يقدر بمال ولكن محطة الإذاعة مسكينة غلبانة، يا كروان الشرق إن كنت تريدين المال فبعض هذا يكفى وإن كنت تريدين إعلاء الفن فلست فى حاجة إلى إعلائه، فقد أعليته حتى بلغت به سماء لا يطار لها على جناح ولا يسعى على قدم وأسألك بالله وبحق الفن أن ترأفى بحال الإذاعة، فهى لك مطواعة وتبذل من أجلك ما فوق الاستطاعة، وغيرك لا ينال إلا بالشفاعة».
ثم يرصد الأستاذ «عباس خضر» تفاصيل المعركة قائلا: لم يعد خافيا ما نشأ من خلاف بين الإذاعة وبين أم كلثوم ويظهر أن الأستاذ محمد قاسم بك المدير العام للإذاعة قد هالته طلبات أم كلثوم الباهظة فوقف فى سبيلها! ومن هنا نشأت بين الاثنين معركة طريفة، تستمد طرافتها من مظهرها!! فقد كتب الأستاذ محمد التابعى يدافع عن أم كلثوم ويقول باستحقاقها ما تطلب من مال ويهاجم شخص المدير!
ورد عليه الأستاذ عبدالرحمن الخميسى بمقال فى جريدة المصرى عنوانه «الأغانى فى السوق السوداء» وصف فيه الأستاذ التابعى بأنه صديق أم كلثوم! ونشرت «البلاغ» مقالا بعنوان «الآنسة أم كلثوم» تتقاضى أكبر مرتب فى الدولة ثم نشرت «أخبار اليوم» مقالا هاجمت فيه مدير الإذاعة وحسبت ما يتقاضاه من الإذاعة ومعاشه فى الحكومة فإذا هو3060 جنيها سنويا على حين أن مرتب رئيس الوزراء هو 2500 جنيه - ألفان وخمسمائة - فقط!!
وكان مؤيدو أم كلثوم يقولون ليست هى وحدها التى تأخذ مالا كثيرا من الإذاعة أو تريد أن تستزيد من المال، ولكن هل هذا يبرر مطالبها؟! إنها الآن تأخذ من إذاعة مسجلاتها 6300 جنيه «ستة آلاف وثلثمائة جنيه» فى السنة وتريد أن تزيدها إلى عشرة آلاف وثمانين جنيها، وكل ذلك دون أن تبذل أى جهد ولكنها وجدت الإذاعة «عسلا» فتريد أن «تلحسها» كلها!!
وعقدة الخلاف أن الإذاعة تحرص على رضاء المستمعين وعدم حرمانهم غناء أم كلثوم وهى تعلم ذلك فتغالى فى الثمن وتعلم أيضا مكان «خاطرها» من أعضاء مجلس الإذاعة!!
ولولا أنى لا أريد أن أنتقل من الجد إلى المزح لاقترحت أن ينقل أمر الإشراف على الإذاعة من وزارة الشئون الاجتماعية إلى وزارة التموين ليعالج الأمر وزيرها الرجل العظيم صديق الشعب الأستاذ عبدالحميد عبدالحق فيضم مسألة الغناء إلى مسائل السكر والصابون والصودا الكاوية!!
ولكنى ألزم الجد فأقول إن الأمر يتطلب الحزم والصرامة فى سبيل الصالح العام، فحرام أن تبدد أموال الدولة، والدولة فى حاجة إليها، فهذه الأموال إما أن تكون الإذاعة محتاجة إليها فى تدبير شئونها كتحسين البرامج وإنصاف الموظفين وغير ذلك، وإما أن تكون زائدة على حاجتها فعند الدولة لها ألف وجه ووجه!!.
ولا تزال أزمة الأجور مستمرة لكنها أصبحت بالملايين!!