
رشدي أباظة
فرج فودة.. نبى الفكر
بالأمس مرت الذكرى السابعة والعشرين على قتل الشهيد د.فرج فودة.
مات فودة ولكن أثره باقٍ.
علمه واجتهاده يقفز فى العقول.
ترك الراحل شجرة من العلوم ورحل. فيما قبر قاتلوه.
أحدهم قُتل فى سوريا كجرذ فار. والآخرون يأكلون ويتبرزون ويتكاثرون الآن كالأنعام بل هم أضل.
يذكر الناس فودة العظيم بالرحمات وبعلومه التى تركها لنا. فيما لا يذكر قاتلوه إلا باللعنات!
فى ذكرى الشهيد فرج فودة لا يجب أن يكون انتقال روحه الى بارئها نهاية لنضاله الفكرى ضد تجار الدين. بل يتحتم أن تكون بداية لمواجهة قومية شاملة بالفنون والآداب والثقافة والمسرح والموسيقى والدراما.
لمن لا يعلم أو لمن نسى أو تناسى. فإن «فودة» هو ضحية التكفير الإيحائى للقطب الإخوانى محمد الغزالى الذى أباح تكفير أفكاره فاستبيحت دماؤه!
«الغزالى» الذى ارتدى كذبًا مسوح الاعتدال هو من قتل الشهيد «فودة» واعترف بذلك قائلًا ذات ليلة: قلت بردته ولم أقل بقتله!
الإسلام كان ولا يزال وسيظل دين العقل.. هكذا قال شهيد الكلمة ومجدد التنوير العظيم الراحل «فودة».
هذه هى معضلة الشهيد التى دفع حياته ثمنًا لها عندما حرض المصريين على استدعاء عقولهم والتحصن بها فى مواجهة محاولات التجهيل والتعتيم الممنهجة؟
هذه هى المعضلة التى أرعبت «طيور الظلام» التى أدركت أن نهايتهم تبدأ من امتلاك المصريين لعقولهم!
ليس العقل وحده هو منبع التفكير.. بل إن القلب يضفى على هذه الأفكار جلال الحكمة وسبيل الفطرة السليمة.
انظر إلى قوله تعالى فى سورة الحج «أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها»، الآية تثبت أن الخلل فى «العقل» هو إنعكاس لسواد «القلب»
والعقل هو جوهر الآدمية هو وسيلة إدراك وجود المولى عز وجل وعبادته وإجلاله.
لم أعرف مفكرًا تنبأ فى كتبه وكتاباته بكل ما فعله تيار الإسلام السياسى فى مصر واستشرف المستقبل كما تنبأ فودة.. لقد كان - رحمه الله - عظيمًا فى حياته وعظيمًا فى موته وعظيمًا فى علمه وعظيمًا فى عطائه وعظيمًا حتى فى أنفاسه الأخيرة التى قال فيها وهو مخضب الدماء:
فعلت ما فعلت من أجل وطنى!
السلام لروحك الطاهرة يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيًا!