
حازم منير
مقال افتراضى
لسنوات طويلة مازالت ممتدة لسنوات أطول فى المستقبل، نعيش حياة افتراضية بكل تفاصيلها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وهى حياة بكل ما تحمله الكلمة من معانى ودلالات ، وتعكس حزمة متكاملة من التفاصيل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية، بل إن البعض من هؤلاء لا يطيق الحياة بعيدا عن الافتراضية.
تعالوا إلى افتراض مقال عن أوضاع العرب لو استمرت الجماعة الإرهابية المسماة بالإخوان فى حكم مصر، ولنبدأ من منطقة الدعوة التى أطلقوها «لبيك سوريا» ومطالبتهم الجيش المصرى بتدريب «الثوار السوريين» الذين هم إرهابيون بدرجة امتياز.
حكم الإرهابيين لدمشق يعنى وببساطة التحكم فى مصير بوابة الأمن المصرى الشرقية، وإدارة شئون المشرق العربى سواء فى لبنان أو الأردن أوالجزيرة العربية، وهو كان هدفا للتنظيم الدولى ليستخدم دمشق والقاهرة فى إدارة شئون المنطقة مؤقتا إلى حين استكمال بقية جوانبه.
جنوبا فى اليمن كان المخطط مستكملا لانقضاض أفرع التنظيم الإرهابى الدولى على الحكم، من خلال تحالف مؤقت مع الحوثيين، ينتهى بعد استتباب الأمور، بالانفصال عنهم ومحاربتهم، حتى تستقر الأمور للتنظيم فى حصار المملكة شمالا وجنوبا والضغط عليها من الناحيتين، فضلا عن التحكم فى باب المندب.
أما فى غرب مصر ، فإن ليبيا وفقا لمقالنا الافتراضى، تُمثل حاليا ركيزة الانقضاض مع رفقاء تونس على الجزائر والمغرب، وتقديم الدعم لرفاق الجنوب فى السودان بالتنسيق مع الأخ البشير، لاستكمال حلقات إحكام السيطرة على المنطقة.
أما العراق فقد بات واقعيا مقسما على الأرض بين السنة والشيعة والأكراد، وفقا لصياغة طائفية بامتياز تُقسم البلاد على الثلاثة، وتجعل لكل منهم جزءا من السلطة، فى صياغة سبق تجربتها فى لبنان، وأثبتت نجاحا أكيدا فى التقسيم الطائفى، الذى انتهى إلى حرب طاحنة مدمرة آتت على كل لبنان وأحالته دمارا بعد حرب داخلية استمرت نحو 15 عاما.
يصل مقالنا إلى مصير الخليج العربى، وكنا سنتحدث هذه الأيام، عن تقسيمات وكُتل قبلية متنوعة ومتعددة، فى مختلف أرجاء شبه الجزيرة العربية، وقد تحولت المملكة وفقا لمقالنا الافتراضى إلى 3 ممالك فى الجنوب والرق والشمال الغربى، وانقسمت الإمارات إلى عدة ولايات، واختفت دول مثل البحرين، وظلت الكويت تحت حكم ولائى عشائرى وطائفى فى آن، ولا تسألنى عن قطر فمصيرها مرهون بقرار الآمر الدولى ساعتها.
هذا التصور ليس خيالا، إنما هو حالة افتراضية، لتخيل مصير الأمة، بعد أحداث الربيع العربى وقبل ثورة 30 يونيو، وهى حالة كان مفترضا لها أن تحصل بالفعل، ليس وفقط من أجل تمكين الإرهابيين منها، وإنما لتحويل المنطقة إلى بؤرة صراعات دموية مدمرة بين الجماعات والفصائل الإرهابية، وتسود فيها الفوضى والانقسامات، وتتمكن الدول الكبرى من إحكام السيطرة النهائية على منابع ثروة المستقبل الكامنة فى المنطقة.
هذا المقال الافتراضى، وضع تصورا حقيقيا للمشهد العربى، ولولا نجاح ثورة 30 يونيو، التى أحاطت بالمخطط وحطمت جوانب منه، لكنا فى تفاصيل مذهلة، مازالت حتى الآن تٌمثل خطرا داهما فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق، ويتهدد تونس والجزائر والأردن والسودان، ومنطقة الخليج العربى.