الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» تدافع عن طه حسين!

«روزاليوسف» تدافع عن طه حسين!






لم تكن السيدة «روزاليوسف» تحتمل أى كلمة نقد أو هجوم تنال من الزعيم «سعد زغلول»، وكان كل من يفعل ذلك تعتبره عدوًا لها، فقد أحبت «سعد» حبًا شديدًا وتعترف قائلة: «كان سعد زغلول قد تحول من شخصية ممتازة إلى فكرة، ومن فكرة إلى عقيدة وطنية. وهو أيضًا «مجدد شباب» الأمة«!
وزادت سعادة السيدة «روزاليوسف» وشعرت بالفخر عندما نقل لها أحد المقربين من سعد زغلول «بأن المجلة دمها خفيف والكلام اللى بتقوله صحيح!!
فى تلك الأيام كان د.طه حسين «واحدا من أكثر الذين هاجموا وانتقدوا «سعد زغلول» وكان يسخر من ذلك التمجيد والتقديس لشخصية «سعد»!
ولذلك السبب وحده كانت هناك جفوة وقطيعة بين روزاليوسف وطه حسين، حتى جاءت وزارة «إسماعيل صدقى باشا» ـ سنة 1930 ـ وقام وزير المعارف وقتها «حلمى عيسى باشا» بفصل د.طه حسين وتشريده من عمادة كلية الآداب!! وكما تقول «روزاليوسف»: ونقله إلى ديوان الوزارة بحجة أن طه حسين له آراء جريئة فى الدين وأنه لا يقوم بعمله فى كلية الآداب بما يتفق وحفظ الآداب».
وفى تلك المحنة الشديدة فوجئ د.طه حسين بأن «روزاليوسف» تقف معه مؤيدة ومساندة رغم عداوته السابقة لسعد زغلول، وتقول «روزاليوسف»:
ناصرت الدكتور «طه» فى محنته عن عقيدة لأنها محنة الرأى وحريته، وقد تناسيت أن الدكتور كان فيما مضى «سوطًا» مشروعًا على الزعيم «سعد زغلول» وأنبريت أدافع عنه باسم الحق الذى أهيض جناحه، لا باسم الصداقة ولا بدافع التشيع لجهة من الجهات، فالدكتور طه لم أحظ بصداقته حتى اليوم ـ سنة 1939 وقت كتابة المذكراتـ!!
ولم ألقه فى حياتى أكثر من مرتين أو ثلاث مرات تفحصته أثنائها فتبين لى أن الرجل رائد حركة فكرية حرة، وقائد من قواد الشباب، كما لاحظت أن الرجل على تواضعه الأصيل ولين عريكته وثاب يتطلع إلى أبعد من الشأو الذى يجب أن يستقر فيه بحكم ثقافته والمهنة التى يزاولها فى كلية الآداب، وبحكم ما ركب فيه من حواس لم تستكمل عناصرها المألوفة.
ولإقصاء الدكتور طه من عمادة كلية الآداب أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، والأسباب المباشرة هى أن الدكتور ذو نزعة حرة دستورية عريقة، فهو فى زعم الوزارة ـ الصدقية ـ ضالع فى موقف الأحرار الدستوريين من معارضة الوزارة، وهو بحكم هذه النزعة ينحرف عما يجب أن يكون عليه موظف الحكومة!! من الحياد التام إزاء الانقلابات السياسية وهو يبث فى الطلبة روح التمرد عن طريق انتقاد موقف الوزارة، والدكتور كان ينادى ويعمل مجدًًا فى سبيل استقلال الجامعة!
أما الأسباب غير المباشرة فأبرزها شىء من عدم الرضاء وذلك من جانب إحدى الجهات العليا، لأن الدكتور كان يناوئ الأزهر بانتقاد بعض تصرفاته، وفى مقدمتها تدخله فى شئون السياسة الحزبية، وكانت هذه الجهة العليا ترعى الأزهر كما هو شأنها معه فى كل زمان!
فوق هذا فقد كان الحب مفقودًا حتى تمامًا ـ كما يقول الدكتور ـ بينه وبين فئة من كبار موظفى المعارف، لا لشىء سوى أن الرجل على نباهة فى الفكر لا تنزل منزلة القبول من بعض النفوس الضعيفة العادية من كل شارة إلا شارة الوظيفة».
كلمات روزاليوسف» تظل درسًا بليغًا فى شرف الخصومة والخلاف فى الرأى!
وللحكاية بقية.