السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أردوغان وبداية النهاية

أردوغان وبداية النهاية






المشهد السياسى الحالى فى تركيا، ينبئ بمتغيرات عميقة منتظرة، فى الأغلب ستعيد صياغة خريطة الحكم، وتضع قواعد مختلفة لمرحلة مقبلة، سواء على الصعيد الداخلى والتوازنات السياسية المسيطرة، أو على المستوى الإقليمى المُلتهب بصراعات متعددة، تلعب النخبة الحاكمة فى تركيا الآن دورا أساسيا فى إدارته.
الحاصل أن النخبة التركية الحاكمة، تشهد الآن تصدعا غير مسبوق، يصيب تماسكها القيادى، وينذر بتشظى أفقى فى الحزب الحاكم، سيضرب قيادته، ويمتد إلى قواعده، بما يمكن اعتباره انشقاقا أو انقساما داخل الحزب، وبين أنصاره وجماهيره.
ما يُمكن تسميته الثلاثة الكبار فى الحزب الحاكم، أو الأذرع القوية لأردوغان، قرروا فجأة الخروج عليه، وقرار الخروج لم يأت مصادفة، إنما ارتبط بتوقيتات وأحداث كلها ذات مغزى، ودلالات مهمة، تؤشر لمخاوف حقيقية على مستقبل تركيا، إذا استمر أردوغان فى سياساته الحالية سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية.
الشاهد أن عملية الانشقاق لا تعكس تمثيلية سياسية، ولا تبدو وكأنها محاولة للخروج بالنخبة الحاكمة من أزمة، بالانقلاب على أحد أطرافها، لاستبعاده والاستمرار من دونه على ذات الأسس والقواعد والسياسات القائمة المعول بها.
واللافت فى هذا الشأن، أن المنشقين الثلاثة عن أردوغان، لا يعملون معا، ولا يخططون معا، وإنما لكل منهم طريقة ورؤيته للمستقبل، وإن اتفقوا جميعا على أن أردوغان خطر داهم على مستقبل البلاد، يجب التدخل لتغيير المسار، وتعديل ما يحدث فى البلاد.
نحن إذن أمام صراع سياسى متعدد الأطراف، لكل طرف منه رؤية وتصور وإرادة مغايرة للآخرين، وترفض العمل مع غيرها، إيمانا بقدرتها على الحل، وثقة فى تأثيرها الشعبى، واستطاعتها جذب أصوات الناخبين فى أول تحدٍ قادم.
من الصعب للغاية التعامل مع ما يحدث على أنه مؤامرة لإنقاذ الحكم والحاكم، فلو كانت كذلك لخرج الثلاثة الكبار أوغلو وباباجان وجول فى حزب واحد ينافس أردوغان ومن بقى معه داخل الحزب الحاكم، لكن الحقيقة أن تأسيس حزبين جديدين، بعد أن فشلت محاولات توحد الثلاثة فى حزب واحد.
المؤشرات السابقة تعنى أن الحزب الحاكم، أو حزب النخبة الحاكمة، سيخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، تحت ثلاث لافتات أو أربع متنافسة، يسعى كل طرف فيها لإيقاع الهزيمة بالأطراف الأخرى، وهو يعنى أيضا أن هناك طرفا رابعا يترقب وهو يمثل صعودا فى الحالة السياسية التركية، اسمه قوى المعارضة المتعددة والمتنوعة، لكن أغلب أطرافها مؤتلفة فى مواجهة تركيبة النخبة الحاكمة.
فى الأغلب، أن إجراء انتخابات مبكرة تنتظر تركيا، فالأحداث المتصاعدة بوتيرة سريعة لا تنبئ باستقرار أو هدوء، وإنما تؤشر إلى احتمالات قوية لخيار الانتخابات، باعتباره السبيل الوحيد للخروج بتركيا من أزمة أوقعها فيها أردوغان، ليس فقط على المستوى الداخلى اقتصاديا وديمقراطيا، وإنما تمتد وهذا الأخطر إلى خسائر إقليمية عربية أو أوروبية، وأخرى عالمية مع الناتو والولايات المتحدة.
أردوغان أوقع بلاده فى أزمة عميقة، ويبدو أن انعكاسات سياساته ونتائجها، وما تداعت عنه من واقع، سيصبح بداية النهاية لحلم الخلافة العثمانية الذى يعيش فيه.