الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سر وسحر الدراما والمسلسلات!

سر وسحر الدراما والمسلسلات!






لا أظن أن هناك «مشاهد عربى واحد» لا يشاهد المسلسلات التليفزيونية سواء كانت مصرية أو عربية أو حتى أجنبية، وجاء وقت على المشاهد أن مواعيده ترتبط بموعد عرض المسلسلات، وفى أحيان أخرى كانت الشوارع العربية وليس المصرية فقط تخلو من المارة تمامًا عند إذاعة المسلسل التليفزيونى، وحدث هذا مثلا عند عرض «رأفت الهجان» و«ليالى الحلمية» وغيرهما!!
لقد دخلت الدراما كل بيت منذ عرفت مصر والبلاد العربية البث التليفزيونى، وتطورت المسلسلات من سهرة قصيرة إلى سباعية «سبع حلقات» إلى مسلسل من 13 حلقة إلى مسلسل 30 حلقة حتى وصلنا إلى المسلسلات ذات الأجزاء المتعددة!!
ما تفسيرك لهذا الاحتلال الدرامى لعقلك ووجدانك وما هو السر فى هذا الإدمان على الدراما؟!
إجابة السؤال وجدتها عند الكاتب المسرحى الكبير «نعمان عاشور» صاحب «عائلة الدوغرى» و «الناس اللى فوق» و«الناس اللى تحت» وغيرها من الروائع.
فى مقال عنوانه «الدراما التليفزيونية» كتب «نعمان عاشور»: متسائلا: لماذا يقبل الناس بشغف متزايد على مشاهدة التمثيليات ومتابعة المسرحيات فى التليفزيون سؤال يجيب عنه البروفيسور «ريموئد وليمز» أستاذ الدراما فى جامعة كمبردج فى محاضرته الشائقة عما يسميه «مرآة العصر السحرية» فالسبب الأساسى إننا نعيش فى مجتمع يمتاز بعنف الاهتزاز وشدة التعقيد ونشعر دائما بأنا معزولون بأنفسنا عنه فى داخل حجراتنا الخاصة، ولهذا نحس بحاجة لا تقاوم لكى نتعرف على ما يجرى هناك فى الخارج ولكن فى إطار عالم يمكن أن يحدث فيه لنا ما يحدث للآخرين غيرنا!! حتى ولو كانوا من سكان قارة بعيدة، فجرائم القتل والطلاق ومآسى الحب وإصابات المرض والإفلاس، وكل هذه الأزمات القاسية تحتاج دائما إلى معرفتها كصور مما تمثله الحياة التى نعيشها!
التليفزيون يخترق علينا عزلتنا ولكننا أيضا نخترق جدران الركود الذى نعيشه داخل الغرف لننفذ من خلال  شاشاته المتعددة إلى الحياة التى نشتاق لمعرفتها لأن فى حياتنا كلنا شيئا كثيرًا منها!! والتمثيلية أو المسرحية وليس الفيلم السينمائى - يقدمان لنا ما نحتاج عن حياة الآخرين فى علاقاتهم ببعض أو فى مواجهاتهم لأزمات الحياة! خذوا مثلا المريضة فى المستشفى، والفاشل فى الزواج وكل هذه المواقف، إننا نسعى جاهدين لمشاهدتها لكل ما يحوطها من ملابسات وفى القالب الفنى الممتع لأنها تأخذنا أو تنقلنا إلى خارج الحجرات وربما إلى خارج أنفسنا ذاتها، ولهذا يجب مراعاة الحرص والدقة فيما يقدمه التليفزيون من هذه المواد!!
إننا ولا شك نشعر بكثير من الإثارة فى مشاهداتنا للأفلام البوليسية وبكثير من المتعة فى مشاهداتنا لأفلام رعاة البقر وبكثير من البهجة فى مشاهداتنا لأفلام الحب، ولكن التمثيليات  والمسرحيات الدرامية هى وحدها التى تزيدنا شغفًا بالتليفزيون لأنها وحدها التى تخرجنا من عزلتنا الذاتية!!
ويختتم الأستاذ نعمان عاشور مقاله بالقول:
«إذن فالمقياس الحقيقى لجودة المادة التليفزيونية أساسه التمثيليات والمسرحيات أى الأعمال الدرامية التى يجب أن تتميز وتتفوق على الأحاديث واللقاءات والأفلام والبرامج السياسية والإعلامية، لأن هذه كلها مواد متداركة يمكن أن نجدها فى دور العرض السينمائى أو على صفحات الجرائد..
الجانب الدرامى التمثيلى وحده.. هو أبرز مقومات الإرسال التليفزيونى لأنه يقدم للجمهور المشاهد ما يمكن أن يتجاوب معه ويفيد منه ويهتز له فى عزلته ووحدته!
وهذه حقيقة ستظل من أسمى الأهداف فى تطور «مرآة العصر السحرية التى نسميها التليفزيون»
صدقت يا أستاذ «نعمان» فيما قلت وكتبت!