الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التقويم الهجرى

التقويم الهجرى






بيَّن الله سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل الحكيم أنَّ الأهِلَّة والشمس والقمر مواقيتٌ للناس، فقد قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]، وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5].  وبظهور الحاجة إلى التقويم بدأ وضعه والعمل فى عصر الخلافة الراشدة فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه؛ حيث جعل ابتداء التاريخ الإسلامى من سنة الهجرة.. فقد كانت العرب قبل الإسلام يُؤرِّخون بالأحداث، فكانوا يقولون - مثلًا: عام بناء الكعبة، عام الفجار، عام الفيل، عام سيل العرم.. وبعد أن بُعِث النبيُّ صلى الله عليه وسلم وظهر الإسلام فى مكة، قالوا فى مكة عام الحزن، وعام الوداع’وهاجر المسلمون إلى المدينة، وأصبح لهم كيانٌ مستقلٌّ أصبحوا يُطلِقون على كلِّ سنةٍ من السنوات اسمًا خاصًّا بها، فيقولون -مثلًا-: عام الخندق، كما قالوا عام الرمادة فى عهد عمر رضى الله عنه.. لم يزل الأمر كذلك حتى جاء عمر بن الخطاب رضى الله عنه وفتح البلاد وظهرت الحاجة فى عهده إلى وجود ترتيب سنوات، وذُكِر له أمر التاريخ، فقال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا للناس شيئًا يعرفونه، فقال بعضهم: اكتبوا على تأريخ الروم، فقيل: إنَّهم يكتبون من عهد ذى القرنين، فهذا يطول، وقال بعضهم: اكتبوا على تأريخ الفرس، فقيل: إنَّ الفرس كلَّما قام ملك طَرَح من كان قبله، فاجتمع رأيهم على أن ينظروا: كم أقام رسول الله بالمدينة؟ فوجدوه عشر سنين، فكُتب التأريخ من هجرة رسول الله.. ولكن برزت معضلة؛ إذ كان على المسلمين أن يختاروا شهرًا يبدأون به تقويمهم مثلما اختاروا سنةً لهذه البداية، فاقترح بعض الصحابة على عمر رضى الله عنه أن يكون هذا الشهر شعبان، واقترح بعضهم رمضان، إلَّا أنَّ الرأى استقرَّ فى النهاية على العمل بمشورة عثمان بن عفان رضى الله عنه باعتماد المحرَّم بدايةً للسنة الهجريَّة على اعتبار أنَّه منصرف الناس من حَجِّهم، وهوشهر الله، كما أنَّه هوالشهر الذى اختارته العرب بدايةً لسنتهم من قبل مجيء الإسلام، وقد سمَّاه الرسول بعد الإسلام شهر الله، وقال الحسن البصري رحمه الله: إنَّ الله افتتح السنة بشهرٍ حرام، فليس فى السنة شهرٌ بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم.
كان بداية العمل بالتاريخ الهجرى فى عهد عمر بن الخطاب فى 20 من جُمَادى الآخرة عام (17) سبعة عشر من هجرة النبيِّ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومن هذا التوقيت جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامى كأوَّل سنةٍ من الهجرة، وجعلوا أوَّلها من الشهر المحرَّم، والتواريخ العربيَّة إنَّما هى على الليالى، وسائر تواريخ الأمم على الأيَّام؛ لأنَّ سنيهم تجرى على أمر الشمس، وهى نهاريَّة، وسِنُو العرب يعمل فيها على القمر، وابتداء رؤيتنا له الليل، وكانت بداية السنة الهجريَّة الأولى يُوافِق يوم الخميس 15 من يوليوعام 622م، وتُسمَّى هذه السنة سنة الإذن؛ أى الإذن للرسول وأصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة، ويتكوَّن التقويم الهجرى من 12 شهرًا قمريًّا؛ أى أنَّ السنة الهجريَّة تُساوى 354 يومًا تقريبًا، والشهر فى التقويم الهجرى إمَّا أن يكون 29 أو30 يومًا.