السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحل السحرى للأمن الغذائى

الحل السحرى للأمن الغذائى






ستظل مصر رايتها مرفوعة فى جميع المحافل الدولية، وإنجازاتها مثار حديث واهتمام العالم، بفضل سواعد أبنائها، وعزيمة وإصرار شبابها على أن يكونوا دائما على منصات التتويج.
قبل 3 سنوات، بدأت مصر برنامجًا وطنيًا طموحًا للإصلاح الاقتصادي، والآن بدأنا نجنى ثماره بعدما نال إشادات من مؤسسات اقتصادية عالمية، آخرها «مؤسسة هارفارد الدولية» التى توقعت أن ينمو الاقتصاد المصرى بمتوسط 6.8% سنويًا حتى عام 2027، ليصبح ضمن أسرع الاقتصاديات نموًا فى العالم نتيجة التنوع فى القدرات الإنتاجية للاقتصاد، الذى ساهم فى بناء قدرات الدولة، ومنحها ثقلا سياسيا وعسكريا على المستويين الإقليمى والدولي.
الدولة بمؤسساتها وأجهزتها كان أمامها عدة تحديات ليصبح قرارها السياسى مستقلًا، وألا يكون خاضعًا لأية ضغوط أو ابتزاز سياسى، لذا كان تحقيق الأمن الغذائى والاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية على رأس أولويات الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه المسئولية عام 2014، فكان القرار بإطلاق خطة تنموية شاملة، بدأت بتنفيذ عدة مشروعات قومية كبرى فى توقيتات متزامنة، لعل أبرزها « المشروع القومى لاستصلاح 1.5 مليون فدان»، و»المشروعات السمكية بمحور قناة السويس، وإزالة التعديات على البحيرات وعودتها لما كانت عليه قبل 200 عام»، و إحياء مشروع «البتلو» لتوفير اللحوم البلدية، وأخيرًا مشروع الـ 100 صوبة زراعية».
مثل كثير من المصريين، راودتنى أسئلة كثيرة عن سر اهتمام الدولة وأجهزتها، ورصد مليارات الجنيهات، للتوسع فى المشروع القومى للصوبات الزراعية، رغم أنها لم تكن تحظى بأى اهتمام منذ عقود طويلة نظرا لتكلفتها العالية، حيث يبلغ تكلفة «البيت الزراعى» الواحد نحو 200 ألف جنيه، وقد يرتفع إلى مليون جنيه، وفقًا لمساحته ومواصفاته.
الدولة تسابق الزمن لتستعيد مجدها الزراعى، ولكن، قطعا، ليست بالزراعة التقليدية، بل الزراعة التى تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، واستنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية ذات الإنتاجية العالية، لمواجهة النمو السكانى المتزايد الذى يصل إلى 2.5% سنويا، وللمساهمة فى تقليل الفجوة فى السلع الغذائية والتى تصل إلى نحو 50%، حيث تحتاج الزيادة السكانية إنتاج 16 مليون فدان لسد احتياجات المواطنين، بدلا من 9 ملايين فدان، هى حجم المساحة المنزرعة حاليا، يعانى بعضها من التصحر والتعدى عليها بالبناء.
لا تسعى الدولة فى الوقت الرهن إلى تحقيق أهداف اقتصادية من المشروع القومى للصوب الزراعية، بل تحرص على تحقيق أهداف اجتماعية، وتحقيق التوازن والوفرة فى السلع الغذائية بالأسواق، بأسعار مناسبة، ومواجهة المحتكرين من أصحاب النفوس الضعيفة، حيث يساهم المشروع فى سد احتياجات 20 مليون مواطن من الخضروات والفاكهة، بعدما ارتفع نصيب الفرد إلى نحو 100 كيلو جرام سنويا.
أعتقد أن المشروع القومى للصوبات الزراعية يمثل أمل مصر ومستقبلها فى تحقيق الأمن الغذائي، حيث تعادل إنتاجية هذا المشروع نحو 1.5 مليون فدان من الزراعات التقليدية، فضلا عن ترشيد 40% من استهلاك مياه الرى، يمكن استخدامها فى استصلاح المزيد من الأراضى الصحراوية، وإنتاج خضراوات طوال العام، آمنة وخالية من المبيدات، ومواجهة نقص المحاصيل الزراعية خلال فترة العروة، مثلما حدث فى محصول البطاطس الموسم الماضي، والتى شهدت أزمة كبيرة نتيجة ارتفاع أسعارها واحتكار التجار لها، فضلا عن توفير نحو 300 ألف وظيفة خلال عامين.
 التوسع الرأسى من خلال المشروع القومى للزراعات المحمية، هو الحل السحرى لتحقيق الوفرة فى المنتجات الغذائية، بدلًا من التوسع الأفقى، لذلك فالدولة تعول كثيرا لتحقيق الأمن الغذائى.