
صبحي مجاهد
عودة الحجيج
مع انتهاء موسم الحج يبدا الحجيج فى العودة إلى ديارهم حاملين فى نفوسهم السرور والفرح بادائهم تلك الفريضة العظيمة التى فازوا بها اتباعاً لأمر الله تعالى: ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا «إلا ان الحاج عقب عودته قد حمل مهمة اكبر، حيث اصبح لزاما عليه ان يحافظ على ثواب هذا الحج، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب أداء مناسك الحج فى حديث رواه البيهقى «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»
وعلى الرغم من ضعف سند الحديث إلى ان تطبيقه ضرورة شرعية حيث ان الحاج مطلوب منه جهاد حقيقى للنفس وما كانت عليه قبل الحج، فلا يتبع اهواء نفسه فى فعل المعاصى للفوز بملذات الدنيا، فينصرف عن الصفات القبيحة التى اصبحت مرضا عنده قبل الحج، وليجعل من اداء الحج مرحلة جديدة من حياته، يسير فيها على الطريق القويم الذى يرضى الله ورسوله.
وكما يقول بعض العلماء فإن فالمؤشرات الطبيعية للحج المقبول تقول أن من حج بنية صافية لوجه الله بعيداً عن التباهى، وبمال حلال ثبتت فيه سلامة القلب من أى شيئ بغيض صعب أن يعود للذنب، خاصة وأن الحج يمحو الذنوب والخطايا ويجعل صفحة المؤمن بيضاء، الأمر الذى يتحتم عليه الإمساك على نفسه من أى ذنب فى المستقبل، مستشهداً بقول الرسول «صلى الله عليه وسلم» : «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».
إن سلوك الحاج بعد عودته إلى أهله سيكون بمثابة قدوة لغيره من الناس ومحط أنظار المحيطين، فإن عاد إلى سابق عهده فهو بذلك يسيء للحج ويعكس صورة سيئة لن يربطها الناس بسلوكه الشخصي، أما اذا عكس صورة ايجابية فسيكون بذلك دافعا إلى غيره كى يؤدوا الفريضة إن استطاعوا إلى ذلك سبيل.
وكما يصف العلماء العائد فى توبته كالمستهزأ بربه،فإن الحاج الذى يعود إلى الذنب أقبح من فعل الذنب نفسه 70 مرة، فإذا نوى الحاج التوبة أثناء أداءه المناسك وكان فى نيته ألا يعود للذنب حقاُ ثم عاد بعدها فعليه أن يتوب مرة أخرى توبة نصوح ويقبلها الله منه بإذن الله، أما من تاب وفى نيته أن يعود مرة اخرى ولو بشكل باطن فهو كما قلت كالمستهزأ بربه وعذابه عند الله شديد».
إن علامة قبول الطاعة الاستمرار عليها، وعلى الحاج عقب عودته ان يراقب الله فى نفسه، فيلزمها الطاعة، ويجعلها متعلقة دائما برحمة الله ورضوانه حتى ينال الفضل العظيم من الله، وعليه ان يلزم الاستغفار، و ذكر «لا إله إلا لله» لأنها أفضل الذكر كما اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يحقق الحاج العائد من حجه رفعا لدرجاته عند رب العزة، ويجعل من نفسه قدوة لغيره ممن لم يحج، فيتمنى ان يكون حاجا تائبا مثله.. نسأل الله لكل حاج القبول.