
رشدي أباظة
«السجدة» وحدها لا تكفى!
ما علاقة التدين بالتفوق سواء كان علميًا أو رياضيًا أو ثقافيًا؟
إذا ما قورن التدين بالتقدم والتفوق كما يشيع جهابذة رجال الدين فى كل دين فإن تلك المقارنة هى أسوأ تسويق للأديان. وأكبر ثغرة فى قدسية الأديان. بل تكون دلالة وقرينة واضحة لمن هم ضد الأديان للنيل منها بحسبانها شرائع مضادة للواقع والحقيقة!
التدين فعل قلبى قد يهدى إن صح إلى الصلاح ومن ثم إلى النجاح والتفوق حال الأخذ بالأسباب.. ولكن عدم التدين لا يهدى إلى الفشل أو إلى عدم التفوق والنجاح!
الفكرة الاشتراكية آمن بها نحو نصف سكان العالم ذات مرة وصنعت دولة عظمى ولا تزال رغم كونها فكرة قامت فلسفتها العقائدية بالأساس على عدم وجود دين أصلا؟
فأين التدين من هذا مثلا؟
الأقوام والدول التى ذكرها القرآن الكريم فى قصصه لم تنهار وتسقط لأنها لم تكن متدينة أو لأنها لم تؤمن بالله بل لأنها طغت فى البلاد ولأنها اندثرت بفعل عدم الأخذ بأسباب القوة والحياة!
فى غزوة أحد حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم قائدًا للجيش وهو الموحى إليه من السماء والمعصوم من الخطأ والمنزه عن الهوى لكنه هزم وأصيب، وهزم جيشه الذى لم يلتزم بالخطة التى وضعها العقل البشرى المنتهج لقواعد المنطق وفقًا للإمكانيات المتاحة والظروف المحيطة والمسئوليات المحددة مع ملاحظة أن الجيش المهزوم ضم فى صفوفه نجوم وأعلام الصحابة!
تلك مقدمة مهمة لها علاقة باستخدام التدين الشخصى وتصديره من بعض اللاعبين المتدينين بحسبانه سببًا لنصرهم ومكسبهم فى المباريات على الرغم أنهم لم يقولوا لنا ولماذا لم يكن ذلك التدين سببًا فى هزائمهم أيضًا؟
التدين ظاهرة غريبة تجتاح الملاعب المصرية تحيل منطق الحياة بل منطق العدل الإلهى إلى مساحات غيبية بلا معايير وبلا قواعد للنجاح وبلا آليات للمحاسبة.
ظاهرة السجود فى الملاعب كما لو كان الالتزام الدينى مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحالة الفوز، وليس التخطيط السليم أو الجهد المبذول.
اللاعبون يسجدون سجدات جماعية!
ماذا لو كان بينهم لاعب ليس مسلمًا أو ليس من أدبيات دينه التعبير بالسجود.
حالة تدين ظاهرى يتم فرضها على الملاعب لا تفرز أى قيمة سوى الطائفية العشوائية التى لا تستند إلى عقيدة فقط.
تعبير شكلى لكنه يوجه رسائل متعددة للجماهير على الشاشات.
فى حالات كثيرة يسجد اللاعبون بعد إحراز الأهداف ولكن فريقهم يهزم فى نهاية المباراة، فهل تحققت الهزيمة لأن السجود لم يكن ولن يكون سببًا للفوز.. أم لأن السجود تم فى غير موضعه وفِى غير وقته ولغير غرض الأمر الإلهى؟
ثم ماذا عن الهزيمة.. هل سيكون عدم السجود سببًا فى تلك الهزيمة وماذا عن اللاعبين المتفوقين عالميًا وليسوا مسلمين من أمثال ميسى ومارادونا وكريستيانو وسيرينا ويليامز مثلا ألا يعتبر نجاحهم طعنًا صريحًا فى الإسلام كعقيدة لأنهم ناجحون وليسوا مسلمين؟
هلك المتنطعون!