
أ.د. رضا عوض
أبوبكرالصديق
أبوبكر عبدالله القرشى (50ق هـ 13هـ - 573م - 634م) هو أول الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو وزير نبى الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه، ورفيقه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة. يَعدُّه أهل السنة والجماعة خيرَ الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصحابة إيماناً وزهداً. عادة ما يُلحَق اسمُ أبى بكر بلقب الصّدّيق، وهو لقب لقبه إياه النبي (صلى الله عليه وسلم) لكثرة تصديقه إياه. كما لقبة الرسول بالعتيق، فقد قال له: أنت عتيق الله من النار، ولقب أيضا بالصاحب، والأتقى، والأوّاه. وقد اشتهر أبوبكر فى الجاهلية بصفات عدة، منها العلم بالأنساب وقد كان أبوبكر يَعرف النبى محمداً(صلى الله عليه وسلم) معرفة عميقة فى الجاهلية، وكانت الصلة بينهما قوية.
ولد أبوبكر الصديق فى مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قريش فى الجاهلية، فلما دعاه النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى الإسلام أسلم دون تردد، فكان أول من أسلم من الرجال الأحرار. بعد إسلام أبى بكر، بدأ يدعو إلى الإسلام مَن وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبى وقاص، وعبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون، وأبى عبيدة بن الجراح، وأبى سلمة بن عبدالأسد، والأرقم بن أبى الأرقم فأسلموا، كما دعا أبوبكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبدالله، وزوجته، وخادمه. وكان أولَ خطيب دعا إلى الإسلام، وعندما تضاعف أذى المشركين للرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه مع انتشار الدعوة الإسلامية فى مكة، وخاصة فى معاملة المستضعفين من المسلمين، استمر أبوبكر فى شراء العبيد والإماء والمملوكين من المسلمين والمسلمات وعتقهم ومنهم بلال بن رباح.
ثم هاجر أبوبكر مرافقاً للنبى محمد من مكة إلى المدينة، فى يوم الاثنين فى شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته، وشهد غزوة بدر. ولما مرض النبى مرضه الذى توفى فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس فى الصلاة. وعندما توفى النبى محمد يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، جاء أبوبكر مسرعاً فكشف عن وجهه وقبّله، وقال بأبى أنت وأمّي، طبتَ حياً وميتاً، ثم خرج وخطب بالنّاس قائلاً: من كان يعبد محمدًا، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبدالله فإن الله حيّ لا يموت، وقرأ (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى اللّهُ الشَّاكِرِينَ).
وبويع أبوبكر بالخلافة فى اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شئون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الردة، بدأ أبوبكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشام، ففتح معظم العراق وجزءاً كبيراً من أرض الشام. ومن أقواله للجيش قبل المعارك والتى تعتبر دستورا مثاليا لتصرف الجنود أثناء الحروب قال: (يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاه ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكله.)
وقد ساهمت فترة خلافة أبى بكر فى ظهور مصادر جديدةٍ للقضاء فى العهد الراشدي، فقد صارت مصادرُ الأحكام القضائية هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والسوابق القضائية أو التقليد، والرأى الاجتهادى مع الشورى. توفى أبوبكر يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين ودفن جانب النبى محمد، وقد جعل رأسه عند كتفى النبي
أستاذ الروماتزم كليه طب الأزهر.