الأربعاء 23 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الهجرة» ودرس التخطيط العلمى!

«الهجرة» ودرس التخطيط العلمى!






كان يمكنه عليه الصلاة والسلام التضرع إلى الله لينجيه ويحميه ويخرجه من القرية الظالمة وينتقم له ممن آذوه واضطهدوه وعذبوه هو وصحبه.. كان يمكنه أن يبتهل إلى الله أن ينام ويستيقظ ويجد نفسه بفعل «كن فيكون» وقد أصبح فى يثرب..لكن شيئا من ذلك لم يحدث بل أخذ مطلق بالأسباب وكل وسائل التخطيط الحربى المخابراتى الاستراتيجى والتكتيكى على السواء..
الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام يرتب سرا مع أهل يثرب أنه قادم إليهم..ولا يفعل ذلك إلا بعد التأكد من نضوج الطرفين الذاتى والموضوعى عند أهل يثرب وجاهزيتهم لاستقباله وحمايته..
الرسول العظيم يجعل فكرة الهجرة ومكانها وطريقتها بين مجموعة من أقرب المحيطين به لا يتعدون عدد أصابع اليد الواحدة لكل منهم دوره المحدد وليس علما بالأمر من باب العلم بالشىء والسلام..وإنما لأسباب منطقية موضوعية مرتبطة بأمر الهجرة نفسه..
الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام يختار صاحبه فى الهجرة ويختار دليلا له فيها ويختار عالما بالأثر ويختار من يبات ليلتها مكانه فى بيته ويختار من يأتيه وصاحبه بالطعام والماء وهو ما يعنى أنه أراد أن يكون هو وصاحبه بلا ماء أو زاد ليكون قادرا على الحركة لا يلفت نظر أحد ولا يمكن تتبعه من أى عابر سبيل..
الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام يخالف طرق السير المعروفة، والمنطقى لأى مسافر من القاهرة إلى الإسكندرية مثلا فى يومنا.. أن ينطلق إما عبر الطريق الصحراوى أو الزراعى أو بالقطار من خلال السكك الحديدية.. ولكن ليس من المنطقى أو على الأقل من مشقة المشقة أن يذهب المسافر إلى الإسكندرية إلى الجيزة ثم إلى بنى سويف ليعود من هناك عن طريق الفيوم ثم إلى صحراء مصر الغربية ومن هناك يعود إلى الطريق الطبيعى من خلال الصحراوى القاهرة ـ الإسكندرية! وهذا بالتبيسط وبالمثال المعاصر ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما جعل متتبعيه أن يجوبوا كل الطرق المذكورة حتى أصابهم اليأس وفقدوا الأمل وتأكدوا أنه لا يمكن أن يكون مر من هنا.. بينما كان قد أقترب من يثرب!
ماذا نفهم من ذلك كله؟ إن ديننا دين العلم والمنطق والتخطيط وليس دين التواكل والدروشة والدعاء إلى الله بغير عمل وبغير جد وبغير اجتهاد.. ديننا دين الأخذ بالأسباب واستعمال المنطق.. والعلم!