
محمد صلاح
الهروب إلى «حبل المشنقة»
بشهادة مزورة من طبيب معدوم الضمير، أو مستشفى سيئ السمعة، ترتكب جرائم مرعبة، تسيل فيها دماء أبرياء، ثم سرعان ما يقدم المجرم أوراقا رسمية، ومستندات طبية، تثبت أنه يعانى من «اضطراب نفسى» أو «خلل عقلى»، للهروب من حبل المشتقة، استنادا للمقولة الشهيرة، «اقتل واعمل فيها مجنون».
فى أسبوع واحد، نفذ شابان مسلوبى الإرادة، تعليمات قادتهم من «شيوخ الشاورما» ودعاة الفتنة والإرهاب، واستهدفا اثنين من أمناء الشرطة، بساحة مسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة، ونادى الجزيرة بحى الزمالك، ثم قدم دفاع كل منهما أوراقا تثبت أنهما يعانيان من «اهتزاز نفسى» وشهادة «معاملة الأطفال» للهروب من العقاب.
استهداف اثنين من أمناء الشرطة، بطعنات نافذة، خلال أيام معدودة، ليس وليد الصدفة، بل جريمة مدبرة، تم التخطيط لتنفيذها مع سبق الإصرار والترصد، خصوصا أن كل شاب منهما استخدم حيلة مبتكرة لتنفيذ جريمته.
الطالب المتهم بارتكاب الجريمة الأولى التى وقعت بمسجد عمرو بن العاص فى منطقة مجمع الأديان، تسلل وسط فوج سياحى، فاستوقفه أمين الشرطة المكلف بتأمين المزارات الدينية، مطالبا إياه بالانتظار لحين دخول الفوج السياحى، إلا أن المجرم غافله ووجه له عدة طعنات من سلاح أبيض كان بحوزته، ثم لاذ بالفرار، إلا أن قوات الأمن المتمركزة لتأمين كنيسة مارجرجس والأهالى تمكنوا من ضبطه وبحوزته سلاح الجريمة.
أما الجريمة الثانية، التى وقعت بنادى الجزيرة بالزمالك، تم التخطيط لها بدقة واتقان، حيث نزل المتهم من سيارته، وحاول تحطيم ماكينات الصرف الآلى، فحاول أمين الشرطة منعه، ولكن المجرم سدد له 8 طعنات نافذة، تسببت فى تهتك القلب والكلى والكبد، أدت إلى وفاته فى مكان الجريمة.
وأمام النيابة، قدم دفاع المتهمين أوراقا رسمية تفيد أن كل منهما يعانى من «اهتزاز نفسى»، وهى حيلة جديدة تستخدمها الجماعة الإرهابية، لهروب أعضائها من «حبل المشنقة» وفقا للمادة 60 من قانون العقوبات، التى تعطى «صك البراءة» لكل من ارتكب جريمة تحت تأثير مرض نفسى، باعتباره غير مدرك لتصرفاته.
رغم الانقسامات العنيفة بين شباب وقيادات التنظيم الإرهابى، إلا أن أذرعها وخلاياها النائمة، التى تعانى من الملاحقات الأمنية، تحاول إثبات وجودها، باللجوء إلى حيل جديدة لتجنيد « ذئاب منفردة» من شباب يعانون اضطرابا نفسيا، لاستخدامهم فى ارتكاب جرائمة إرهابية، خصوصا أن 20% من سكان أى مجتمع يعانون من اضطراب نفسى بدرجات متفاوتة.
الجماعة الإرهابية، سبق لها أن استخدمت «المجاذيب» لتنفيذ عمليات إرهابية، مقابل «علبة كشرى» أو «علبة سجائر»، لذا تتحمل وزارة التضامن الاجتماعى والجمعيات التابعة لها، مسئولية رعاية «سكان الأرصفة» بنقلهم إلى دور الرعاية الاجتماعية، وتقديم العلاج المناسب لإعادة تأهيلهم ودمجهم فى المجتمع.
إذا كانت الجماعة الإرهابية قد لجأت إلى تغيير نهجها واستراتيجيتها، فى تنفيذ العمليات الإرهابية، فعليها أن تدرك أن أساليبها الخداعية مكشوفة، فالمختلون عقليا لا يميلون إلى قتل الغرباء، ويتم عرض المتهمين على لجنة نفسية جنائية مكونة من 5 أطباء نفسيين، مع دراسة التاريخ المرضى للمتهم، كى لا يفلت من العقاب، وفى حال ثبوت الادعاء بالمرض فإن ذلك يكون بمثابة ارتكاب الجريمة مع سبق الإصرار والترصد.