
رشدي أباظة
فقه بناء الدول!
عقد فى القاهرة اليومين الماضيين مؤتمر دينى مهم يستحق الوقوف أمام فكرته طويلا.
الفكرة فريدة من حيث الطرح والفكرة والتناول والمجتمعين أيضا.
«فقه بناء الدول.. رؤية فقهية عصرية» كان ذلك هو العنوان الذى دار حوله المجتمعون فى القاهرة من وزراء الدعوة الإسلامية فى عدد من الدول العربية والإسلامية.
تعرض المؤتمر لأول مرة تقريبا لمجابهة أفكار هدم الدول التى أصلتها جماعات الإسلام السياسى الإرهابية طوال المائة العام الأخيرة وكانت سببا فى الخراب الذى حل بعشرات البلاد العربية والإسلامية فى السنوات الأخيرة والسنين التى سبقت.
أكد المؤتمر العظيم فى وثيقة القاهرة التى أصدروها على عدة أمور. فقهية ثابتة:
١- الإسلام لم يعرف شكلا معينا للدولة والدولة المدنية الحديثة قدمت نموذجا دستوريا يمكن أن يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية المتمثلة فى حفظ النفس والمال والعرض والدين والممتلكات العامة والخاصة وحفظ النسل.
٢- الدولة أصبحت ضرورة دنيوية لضمان استمرارية الدين وإمكانية تطبيقه عملا.
٣- الحفاظ على الوطن من أهم المقاصد العامة للتشريع.
٤- ضرورة العناية بضبط المفاهيم ذات الاتصال بالدولة وتصحيح ما يطرأ عليها من انحرافات بصفة مستمرة.
٥- ضرورة التصدى للمفاهيم المغلوطة عن الدولة واختيار الحاكم وحق الوطن والمواطن لدى جماعات التطرف وإحلال المفاهيم البناءة والصحيحة عن الدولة فى الفكر الإسلامى محلها.
٦- آلية اختيار الحاكم من المتغيرات التى تخضع لظروف الزمان والمكان وليس أمرا جامدا أو نمطيا ثابتا.
كانت هذه بعض من محاور رئيسية من بين عشرات البنود فى وثيقة القاهرة التى وقعها المؤتمر.
لقد كانت فرصة فقهية كبيرة بداية حملة علمية ممنهجة موثقة ضد مفاهيم أسسها فقه الهدم والذى أصبح نسقا فكريا عاما لدى جمهرة الناس والذى جعل من الصعوبة بمكان أن يتحرك فعل الاعتدال والمصالح المرسلة نحو التصحيح وتأسيس فقه بناء الدول بدلا من الهدم.
لقد تولت القاهرة فى هذا المؤتمر الريادة نحو التصحيح.