الثلاثاء 22 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«مجتمع صحى»

«مجتمع صحى»






عكس كثيرين لم تشغلنى الدعوات للتظاهرات، ولا حرب الفيديوهات الممنهجة، ولا ما قدمته الجزيرة وأخواتها مساء الجمعة الماضية من مشاهد مفبركة بركاكة شديدة للإيحاء بأن الناس فى الشارع، تلك الفبركة التى فضحتها هى نفسها بمداخلات زاعمة أنها من القاهرة والإسكندرية لمن أسمتهم نشطاء بدأ كل منهم حديثه قائلا، الحقيقة أنا «مش فى الميدان».
شغلنى أكثر حال الأحزاب المصرية، ورقيا لدينا 104 أحزاب، لا أريد أن أعلن متحديا وجائزة من 6 أصفار لمن يتذكر أسماءها، فما بالك لو طالبت بأسماء رؤساء هذه الأحزاب !!
لا يوجد مجتمع صحى دون أحزاب قوية وحقيقية، أحزاب قائمة على حب الوطن تختلف حوله ولا تختلف عليه.
أحزاب تقف صفا واحدا خلف الوطن، وفى الوقت نفسه تقدم رؤية مغايرة وحلولا قابلة للتحقق على أرض الواقع، تشارك فى بناء مجتمع صحى، قادرة على التطوّر والتكيُّف سريعاً مع مستجدات ومنصات الديمقراطية الاجتماعية.
أحزاب قادرة على اكتساب ثقة الشعب، متلاحمة ومتشابكة مع الحياة اليومية للمواطنين العاديين، وتقديم رسالة واضحة لمفهومها حول الحكم والانتخابات ومصير البلد.
الأحزاب المصرية فى حاجة شديدة والآن أكثر من أى وقت مضى إلى النظر بجدية فى إعادة صياغة نفسها والإندماج لتظهر 4 كيانات حزبية قوية بدلا من كل هذا الكم الذى لا يثمن ولا يغنى عن جوع.
عمليات الدمج هذه، يمكن أن تساعد على تعزيز الأحزاب السياسية وإنشاء قاعدة مؤسسية حزبية صلبة، تساعد فى تحقيق واستمرار الديمقراطية، فالأحزاب السياسية هى الوسيلة الوحيدة والإطار الشرعى والسياسى لتوجيه الدعم الجماهيرى، وهى القادرة على إنهاء حالة من تشتت الشباب وبحثهم عن المشاركة السياسية الفعالة عن طريق كيانات وإئتلافات مشبوهة.
المعركة من أجل الديمقراطية تتطلب إعادة تنظيم الأحزاب السياسية، تقديم قيادات شابة تفهم معطيات التاريخ الذى اختلف، وبات المواطن يبحث عن الحداثة فى الفكر والإبداع السياسى.
الأحزاب عليها دور مهم جدا فى محو الأمية السياسية التى يستغلها المتلاعبون بالعقول لهدم الوطن عن طريق تقديم دين مغلوط ومغالطات تصل لحد الخيانة عبر مواقع تواصل اجتماعى.
علينا أن نعترف أنه لا يوجد على الساحة المصرية الآن أحزاب قوية تدعم الشباب، وتبحث عن حقوق الأمة، أو تسعى لتطوير الوطن ومستقبل الديمقراطية، أحزاب لا تعتمد على الأسلوب النخبوى، وتتجاهل حقوق المواطن البسيط.
‏ عملية الإندماج فى كيانات حزبية كبيرة ومؤثرة ستكون أكثر تعبيراً عن الشعب ومطالبه وحقوقه وقوت يومه، ما سيكون سبباً ووسيلة لالتفات الشعب حولها، ما يعطيها ثقلاً حقيقيا، وسبباً رئيسياً فى النجاح فى أى استحقاق انتخابى قادم، فانتخابات غرفتى التشريع «النواب والشورى « إضافة للمحليات باتت على الأبواب، ولا نريد أن نرى لافتات من نوعية «مقاطعون» وحقيقيتها «غير قادرين»
الأحزاب السياسية فى مصر عليها أن تعترف بضعفها وهوانها على الناس، فهى لا تمتلك برامج حقيقية أو كوادر بشرية قادرة على التواجد فى الشارع، وبالتالى لن تعزز التجربة السياسية الديمقراطية.
ضعف الأحزاب وعدم تواجدها – رغم العدد الكبير- أدى لانصراف الشباب عنها وأصبح لا يوجد حراك سياسى حقيقى بالمجتمع يجعل الشباب ينضم للأحزاب الشرعية، واختار بعضهم التطرف أكثر فى الأفكار، والبعض الآخر أصابهم الإحباط وظلوا فى منازلهم يعارضون على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقعون تحت سيطرة أفكار مغلوطة وشائعات تقدم باحترافية شديدة.
لدينا 104 أحزاب ومع ذلك لا يوجد حزب واحد يقوم بدور اجتماعى أو نشاط ثقافى، والجميع اعتمد فقط على النخبوية والظهور أمام الكاميرات، للحديث عن الديمقراطية وتداول السلطة واهتمام الحكومة بالفقراء، دون وجود برامج بديلة أو خطط مقترحة تقدّمها هذه الأحزاب للحكومة، للمساهمة فى تنمية الدولة.
علينا أن ننتبه بجدية شديدة لانعدام ثقة الشعب فى الأحزب، وعدم وجود رسالة واضحة لها، وأن هذا الوضع يشكل خطورة حقيقية على الدولة المصرية والتجربة الديمقراطية فقبل حراك يناير 2011 وصلت الأحزاب لما يشبه ما هو موجود الآن مجرد ظاهرة كرتونية وديكور والنتيجة كانت مؤلمة للجميع سيطرت التيارات الدينية على المجتمع والشارع، وعندما حانت لحظة العمل السياسى لم تجد عائقاً أمام حصد جميع المكاسب.