
رشدي أباظة
اللعب مع الصغار
نحن الآن إذن فى حرب مباشرة.
دعوات كثيفة للثورة على الدولة المصرية ربما حدث استجابة طفيفة لها.. لكن المدهش أن نفس الشخصيات ونفس الوجوه بنفس النبرات تُمارس نفس الدعوات منذ عام٢٠١١.. غير أن هؤلاء يعلمون أن هذه المرة أن النتيجة ستكون كارثية طالما أن المنهج السياسى لا يتغير.. منهج سياسى فوضوى يقول بوضوح: «نعرف مالا نريد ولكننا أبدا لن نعرف ماذا نريد.. ولا نريد أن نعرف»!
المعرفة هنا ستولد مسئولية، والمسئولية ستولد مساءلة، لكن السياسة الترفيهية أقل عناء وأكثر متعة؟
ليست هذه المشكلة.. بل إن الواقع يقول أن نفس مجموعات الخداع المنتحلة لصفة «النخبة» ترتكب الآن تكتيك «اللعب مع الصغار».
نخبة تُمارس نفس الخطاب الاستدراجى نحو الفوضى.
الفارق الوحيد الآن هى توجيه ذلك الخطاب لأصحاب الأعمار الصغيرة وتدفع بهم إلى الشارع لا لشىء سوى أن أصحاب هذه الأعمار لم يتح لهم استيعاب تجربة ٢٠١١ لصغر سنهم آنذاك!
لقد تسببت نفس المجموعات فى الدفع بالدولة إلى حافة السقوط ثم سلمتها للإخوان!
نفس مجموعات المعاش الثورى تغتال وعى أجيال صغيرة لم يتح لها معايشة تجربة مؤلمة وبالتالى يتم استخدامها وقودا جديدا لسيناريو إفشال الدولة كما لو كانوا أمام تجربة جديدة وما هى بجديدة!
هؤلاء يقودون عملية اغتيال سياسية وإنسانية منظمة لأجيال صغيرة تدفع إلى تكرار نفس التجارب الفاشلة بدلا من إتاحة الفرصة لها لتقييم ماجرى والتعلم منه والاستفادة من أخطائه.
النخب المخادعة ترتكب جريمة متكاملة الأركان لأنها تُمارس الخداع والتضليل عن عمد لأنها تخشى أن تكتشف الأجيال الناشئة حقيقة فشلهم.
ميراث الفشل والإفشال يتم توريثه بمفاهيم جديدة ستؤدى لنفس النتائج القديمة.. ربما نوجزها فيما يلى:
١- إعادة الصياغة السلبية لقيمة الجيش فى ذهنية هذه الأجيال.
٢- ترسيخ مفهوم الدولة باعتباره فقط كيانا لفرض القيود وليس للرعاية والحماية.
٣- فرض نماذج لإمكانية ممارسة السياسة دون مسئولية.
٤- تصدير مفهوم إمكانية التصدى للعمل العام دون خبرات أو مؤهلات.
٥- ترسيخ مفهوم بإمكانية ممارسة السياسة المنفصلة عن العمل الجماهيرى!
غدًا نكمل