
أ.د. رضا عوض
صقر قريش
هو عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان الأموى (113 هـ 731 م - 172 هـ 788 م) المعروف بلقب صقر قريش وعبدالرحمن الداخل، والمعروف أيضًا فى المصادر الأجنبية بلقب عبدالرحمن الأول. وقصة حياته حقا تثير الإعجاب بهذه الشخصيه الفذه. ولد عبدالرحمن فى خلافة جده هشام بن عبدالملك، فى بلاد الشام عند قرية تعرف بدير حنا، توفى أبوه شاباً، فنشأ عبدالرحمن فى بيت الخلافة الأموى بدمشق حيث كفله جده الخليفة هشام بن عبدالملك. أسس عبدالرحمن الدولة الأموية فى الأندلس عام 138 هـ، بعد أن فر من الشام إلى الأندلس فى رحلة طويلة استمرت ست سنوات، بعد سقوط الدولة الأموية فى دمشق عام 132 هـ، عندما أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية، وتعقبوا الأمويين للقضاء عليهم خشية أن يحاولوا استرداد ملكهم. دخل الأندلس وهى تتأجج بالنزاعات القبلية والتمردات على الولاة، فتمكن عبدالرحمن فى فترة حكمه التى استمرت 33 عامًا، إخضاع الثورات المتكررة على حكمه فى شتى أرجاء الأندلس، تاركًا لخلفائه إمارة استمرت لنحو ثلاثة قرون.
وقد اهتم بجيشه الذى كان الدعامة التى ساعدته على السيطرة على مقاليد الأمور طوال حكمه، فبلغ جيش عبدالرحمن الداخل مائة ألف جندى إضافة إلى حرسه الخاص الذى بلغ أربعين ألفًا من الموالى والبربر والرقيق. كما أنشأ عددًا من قواعد بناء السفن فى طركونة وطرطوشة وقرطاجنة وإشبيلية. وفى عام 170 هـ، أسس الأمير عبدالرحمن المسجد الجامع فى قرطبة، وأمر ببنائه على طراز المسجد الأموى بدمشق. وقد بلغت مساجد قرطبة فى عهده 490 مسجدًا كما أنشأ دارًا لسك العملة،
أما الذى أطلق عليه لقب صقر قريش، فهو الخليفة أبوجعفر المنصور ذلك أنه جلس يومًا مع أصحابه، فسألهم: أتدرون من هو صقر قريش؟، فقالوا له: أمير المؤمنين الذى راض الملك، وسكّن الزلازل، وحسم الأدواء، وأباد الأعداء، قال: لا. قالوا: فمن يا أمير المؤمنين، قال: عبدالرحمن بن معاوية الذى تخلّص بكيده عن سنن الأسنة، وظُبات السيوف. يعبر القفر، ويركب البحر، حتى دخل بلدًا أعجميًا. فمصّر الأمصار، وجنّد الأجناد، وأقام ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره، وشدة عزمه. منفردًا بنفسه، مؤيداٌ برأيه، مستصحبًا عزمه. وفى عام 172 هـ، توفى عبدالرحمن الداخل ودفن فى قصر قرطبة وبعد ان أسس الدولة الأموية فى الأندلس تاركًا لخلفائه إمارة استمرت لنحو ثلاثة قرون.