
محمد صلاح
«بلطجة مراهقين»
ما فعله محافظ المنوفية اللواء سعيد عباس، يستحق الإشادة والتقدير، فرغم مشغولياته، إلا أنه حرص على زيارة أسرة الطالب محمود البنا «شهيد الشهامة»، وجبر بخاطر أصحاب القلوب المنكسرة، وجلس على ركبتيه، وقبل يد والدته، متعهدا لها بالقصاص من الجناة، وعودة حق نجلها فى إطار دولة القانون، قائلا:» لو حق ابنك مجاش، أنا كمسئول هقعد فى بيتنا، إحنا فى دولة قانون، وكل مواطن لازم ياخد حقه».
زيارة المحافظ، مثلت إحساس بالفجيعة من جانب أعلى مسئول تنفيذى بالمحافظة، وقلقا على السلام الاجتماعى، بعد الجريمة البشعة التى أبكت الملايين، كما خففت من غضب الشباب الثائر، وكتبت نهاية للشائعات التى روجها المحرضون ودعاة الفتنة الذين يتاجرون بآلام البسطاء لزعزعة استقرار المجتمع، كما بعثت برسالة طمأنة للمواطنين الغاضبين بأننا فى دولة قانون، وأن الجميع أمام القانون سواء، وسينال الجانى جزاء جريمته.
حقا، الجريمة أفجعت القلوب، ودقت ناقوس الخطر، بأن « فيروس البلطجة» يزحف بشراسة بين الشباب فى سن المراهقة الذين تحركهم غرائزهم بما يهدد أمن واستقرار المجتمع، فالطالب «محمود البنا»، شاب فى عمر الزهور، تصدى بكل شجاعة لبلطجى تجرد من مشاعر النخوة والرجولة والشهامة، أثناء تحرشه وتعديه على إحدى الفتيات بالشارع، قائلاً له: « اعتبرها أختك».
المراهق الذى لم يجد أهلا لتربيته، سيطر عليه شيطانه، فتربص مع ثلاثة من أشباه الرجال، للشاب الطموح عند خروجه من منزله لتلقى دروسه، فأمسك به أحدهم، ورش الثانى مخدر على وجهه، وضربه الثالث بخشبة، أما القاتل فسدد له طعنات نافذة فى الرقبة والصدر والبطن حتى فارق الحياة غارقا فى دمائه، ليكون الموت مصير صاحب الشهامة والمروءة على يد البلطجى المراهق.
جريمة القتل البشعة، تمثل انحدارا أخلاقيا بين الطلاب فى سن المراهقة، ما جعل أولياء الأمور ينتابهم حالة من القلق على أبنائهم من خطر «فيروس البلطجة والتحرش» الذى ينتشر بشكل كبير خارج أسوار المدارس الثانوية والفنية، ما دفع كثير من أولياء الأمور إعطاء أبنائهم سلاح أبيض يدافع به عن نفسه، متناسين أن الحذر لا يمنع من وقوع القدر، وقد يتحول الابن الذى يدافع عن نفسه إلى بلطجى يهدد المجتمع بجريمة على سبيل الخطأ.
البلطجة تحولت إلى أسلوب حياة بين الطلاب المراهقين، وما يثير الحزن والأسى أن هناك كثيرا من الأطفال يحملون لقب بلطجى، بعدما تعددت جرائم الايذاء البدنى، فتلميذ يذبح زميله بـ» موس حلاقة»، وآخر يشوه وجه صديقه فى خناقة.
الدلائل تشير إلى أن نصف تلاميذ المدارس تعرضوا للايذاء البدنى والبلطجة خلال مراحل الدراسة المختلفة، وكل منا شاهد على ذلك، وقد تبدأ باتلاف أو الاستيلاء على الكتب والأدوات المدرسية والمأكولات بالقوة، و»التنمر» بالسخرية من الطول أو القصر أو السمنة، ثم تمتد إلى الضرب والركل بالقدم، ومجموعة تتربص بأخرى خارج أسوار المدارس، وخصوصا فى سن المراهقة التى يسعى فيها الطلاب إلى السلطة والسيطرة، وغالبا ما يسعى الأولاد إلى الإيذاء البدنى أما الفتيات فتلجأن إلى الإيذاء الشفاهى أو النفسى.
قطعا، السلوك العدوانى، وأعمال البلطجة التى تنتشر بين الطلاب المراهقين ترجع بالأساس إلى عدم التربية السليمة داخل الأسر التى لا يحترم أفرادها بعضهم البعض، ولا يتعلم فيها الصغار حقوق الكبار، وهى سلوكيات قد تحول المراهق إلى مدمن مخدرات أو قاتل.
الحل يكمن فى الأسرة والمدرسة، حيث يقع على عاتقهما تعديل السلوكيات الخاطئة للطلاب بالتربية السليمة والأخلاق والسلوكيات الحميد للحفاظ على أجيال المستقبل.