الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الرأى والرأى الآخر! «روزاليوسف» وأحمد بهاء الدين!

الرأى والرأى الآخر! «روزاليوسف» وأحمد بهاء الدين!






فى ثلاثة أيام فقط نفد كتاب الأستاذ «أحمد بهاء الدين» فاروق ملكًا من الأسواق، وكان إحسان عبدالقدوس قد كتب مقدمة الكتاب وقرر طباعة خمسين ألف نسخة!
وفوجئ أحمد بهاء الدين بالسيدة «روزاليوسف» تستدعيه فى مكتبها وتبتسم له وتربت على كتفه بعد أن تجاهلته تمامًا منذ مجيئه إلى «روزاليوسف» وتقول له: الكتاب نفد!
ويقول الأستاذ «بهاء» (عمره وقتها 27 سنة): «كان الكتاب ينطوى على رأى محدد فى تاريخ مصر وسياستها من سنة 1936 إلى سنة 1952 فقد بدأت بينى وبين السيدة فاطمة اليوسف مناقشات طويلة متشعبة، إن هذه الفترة بالنسبة لى مجرد تاريخ قرأت أغلبه فى الصحف والكتب والمراجع، أما بالنسبة لها فهذه الفترة قطعة من حياتها العملية التى تعرضت فيها للهجوم والدفاع والكسب والخسارة والسجن والتحقيق والمحاكمات!
وبعكس إحساسى الأول نحوها، وجدت أن لديها تقبلاً واسعًا للرأى الحر مهما كان واحتدمت بيننا مناقشات عنيفة على الأشخاص والأحداث فى تلك الفترة الماضية وكثيرًا ما هاجمت أشخاصًا كانت تؤمن بهم!  أودافعت عن أشخاص كانت هى تعرف نقائصهم ولم تأخذ هذا على أنه تجريح لتجربتها السياسية خلال عشرات السنين بل كانت تناقشنى بلا يأس أو ملل!!
وأدركت فى ذلك الوقت سرًا من أسرار «روزاليوسف» حرية الرأى المطلقة، وعدم ارتباط أى محرر فى الدار ـ بعد المصلحة الوطنية ـ بما يراه عقله وضميره فقط وإحساس المحرر العميق بأنه يحقق ذاته كاملة، ويعبر عن نفسه تمامًا!
كنت فى ذلك الوقت أكتب فى «روزاليوسف» وأنا ما أزال موظفًا فى الحكومة، وبدأت السيدة «فاطمة اليوسف» تضغط علىّ لكى أستقيل وأتفرغ للصحافة، كانت تقول لى إن الوقت الذى أنفقه كل يوم فى التحقيق  أو مراجعة القضايا وقت ضائع لأننى لا أنتج فيه ما يناسبنى!!
وكنت أقول لها أننى أهوى الصحافة ولا أريد أن احترفها! وأننى أرى فى الصحافة وظروفها أشياء كثيرة لا تريحنى وتجعلنى أنفر من الارتباط بها، وأننى أريد أن أبقى مستغنيًا عن الصحافة!  أكتب أولا أكتب كما أشاء.. بل وكنت أفكر أحيانًا فى ترك الكتابة الصحفية والانصراف إلى وضع الكتب والدراسات!
وكانت هى تسخر من موقفى وتروى عشرات القصص عن الذين بدأوا هكذا فى «روزاليوسف» ثم استقالوا من الحكومة، وكيف أن «التابعى» كان يكتب كهاو ولا يريد أن يحترف الكتابة إلى أن أقنعته هى بأن يستقيل من وظيفته فى مجلس النواب!
وكانت تقول لى أن الارتباط الحقيقى بالرأى هو أن تلقى بنفسك فى بحره، فتتعلم العوم، أما أن تبقى هكذا جالسًا على شاطئ السياسة تبلل قدميك بمائها وأنت فى منجاة من أمواجها العالية هو ما لا يمكن أن يدوم.
وبقى الموقف هكذا إلى أن بدأت السيدة «فاطمة اليوسف» تكتب مذكراتها وتنشرها فى مجلة «روزاليوسف»، كنت أقرأ هذه المذكرات فأنفعل بها حقًا وأتأثر بقصة الجهاد العنيف والمغامرة الهائلة التى انطوت عليها وكانت السيدة «فاطمة اليوسف» خلال فترة كتابتها ونشرها لا تكف عن تذكر الأحداث بحلوها ومرها، كان الضوء قد سقط فجأه على كل أيام حياتها، فهى تارة تكاد تكون مرتاحة، كيف مرت بها بكل هذه الخطوب الرهيبة وتارة مغتبطة بما حققت من انتصارات!
ولا تعرف السيدة «فاطمة اليوسف» أن قصة حياتها هى التى جعلتنى أقرر انتهاز أول فرصة للاستقالة من الحكومة والتفرغ للصحافة، لقد قارنت بين حياتى وحياتها, قارنت بين حياتى الهادئة وبين حياة  فتاة  يتيمة وحيدة اعتلت خشبة المسرح فصنعت مجدًا، ثم أقتحمت ميدان الصحافة فصنعت مجدًا آخر وحاربت سنوات طويلة وظهرها إلى الحائط بل وأحيانا دون أن يكون هناك حتى الحائط لكى يحمى ظهرها وكان أن استقلت بالفعل وتفرغت للعمل فى بلاط «روزاليوسف»!
وللحكاية بقية!