
محمد صلاح
الآمال تتجه إلى «سوتشى»
منذ اللحظة الأولى لتوليه رئاسة الاتحاد الإفريقى فى 10 فبراير 2019، قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يقود القارة السمراء إلى المجد، بضخ دماء جديدة فى شرايين العلاقات مع الدول الصناعية الكبرى، ومد جسور الثقة لبناء شراكات استراتيجية مع الكيانات الاقتصادية العالمية، حاملا آمال وطموحات 1.3 مليار إفريقى فى الاستقرار والرفاهية والازدهار، لتصبح قارة الفرص الاقتصادية الهائلة، حديث العالم شرقا وغربا، ومن أقصى الشمال إلى القطب الجنوبى من الكرة الأرضية.
بعد 7 مؤتمرات دولية، كان فيها السيسى صوت إفريقيا وحارسها الأمين فى المحافل الدولية، تأتى قمة « روسيا- إفريقيا» التى تعقد غدا للمرة الأولى فى مدينة سوتشى على البحر الأسود، ومن بعدها القمة «السعودية- الإفريقية»، فى الرياض، لتمثل تتويجا للمجهود الكبير الذى يبذله الرئيس السيسى منذ 8 أشهر، فقد كان أول رئيس دولة غير أوربية يشارك فى الجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونخ للأمن فى 15 فبراير الماضى، وعرض خلاله رؤية مصر لإنهاء النزاعات وتسهيل حركة التجارة البينية، وتحقيق التكامل الاقتصادى فى القارة السمراء.
وكعادته دائما، كان الرئيس السيسى صوتا قويا ومسموعا فى الدفاع عن شعوب القارة السمراء، وحظيت كلماته بإشادة رؤساء دول العالم فى قمة « الحزام والطريق» التى عقدت بالصين، ثم قمة العشرين باليابان، ومجموعة السبع الكبار «G7» بفرنسا، ثم مؤتمر «تيكاد 7» باليابان، حيث كان المحور الرئيسى هو تحقيق آمال وطموحات الشعوب فى الرفاهية والازدهار.
بكل تأكيد، نجح الرئيس السيسى خلال 8 أشهر، فى تغيير نظرة العالم تجاه القارة السمراء، فلم تعد القارة التى يعتمد اقتصادها على المنح والمعونات، فبفضل مواردها الطبيعية وامكانياتها الاقتصادية الضخمة، أصبحت إفريقيا أحد اللاعبين المؤثرين فى صناعة القرار العالمى، اقتصاديا وسياسيا، حيث يوجد بها 10 دول فى مقدمة الدول الأسرع نموا فى العالم.
فى هذه الجولة ، كان الاتجاه إلى أقصى الشمال الشرقى، حيث الدب الروسى، ليذيب جبال الجليد فى العلاقات الروسية الإفريقية، لتعود إلى سابق ازهارها مثلما كانت فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، لتؤسس قمة سوتشى، شراكة استراتيجية ترتكز على المصالح المتبادلة واحترام السيادة الوطنية للدول الإفريقية.
فالقمة تتيح لموسكو استغلال الفرص الاستثمارية الواعدة بالقارة السمراء فى مجالات التنقيب عن البترول والغاز والذهب والماس، وغيرها من الموارد الطبيعية التى تزخر بها إفريقيا، وستكون مصر بوابة لمضاعفة الصادرات الروسية إلى السوق الإفريقية الواعدة.
أعتقد أن روسيا التى لم تضبط يوما متلبسة فى تأجيج الصراعات العرقية والقبلية، وكان لها أياد بيضاء فى دعم حركات التحرر الوطنى، ولم تسع إلى فرض أجندتها السياسية، وتتعامل باستقلالية وحيادية تجاه النزعات، سيكون لها دور فاعل باعتبارها «وسيط محايد» فى حلحلة الموقف الإثيوبى المتعنت تجاه أزمة سد النهضة، بما لا يضر بالشعب المصرى ويحافظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه نهر النيل، وحق أديس أبابا فى التنمية.
القمة الـ12 بين الرئيسين السيسى وبوتين، تأتى تتويجا لقوة ومتانة العلاقات المتميزة بين الزعيمين، وستكون نقطة انطلاق لتفعيل اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، حيث ستكون المنطقة الصناعية فى محور قناة السويس أول مشروع تنفذه روسيا خارج أراضيها، باستثمارات 7 مليارات دولار، ويساهم فى توفير 150 ألف فرصة عمل، فضلا عن تطوير خطوط السكك الحديدية بتوريد 1300 عربة قطار، وتصنيعها فى مصر وتوريدها للأسواق الإفريقية.
أما مشروع محطة الضبعة النووى فهو الأضخم من نوعه بين القاهرة وموسكو منذ بناء السد العالى باستثمارات تصل إلى 27 مليار دولار، حيث يساهم المشروع فى توليد الطاقة الكهربائية التى تدعم مصر باعتبارها مركزا اقليميا ودوليا لانتاج وتداول الطاقة بجميع مكوناتها المتجددة وغير المتجددة.