الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سناء البيسى: روزاليوسف لماذا؟!

سناء البيسى: روزاليوسف لماذا؟!






فى خريف سنة 1980 قررت الأستاذة الرائعة «سناء البيسى» إصدار ملف خالص مستقل عن السيدة «روزاليوسف» وكانت دهشة الزميلات والزملاء فى مجلة «نصف الدنيا» التى كانت ترأس تحريرها ولسنوات طويلة، وسألوها لماذا روزاليوسف؟!.، وكان السؤال هو عنوان الملف الذى شغل 16 صفحة بأقلام نجوم الصحافة، وكان هو أيضا عنوان مقال الاستاذة «سناء البيسى»!
فى هذا المقال البديع الذى تقطر سطوره حبًا وامتنانًا وتقديرًا كتبت سناء واحدًا من أجمل مقالاتها حيث تقول:
صدمنى السؤال للحظة ثم أشعل الطريق بضوء له سحر خاص إن السيدة «فاطمة محمد محيي الدين اليوسف» ليست صحفية صنعتها الصدفة، أو كاتبة كان اسمها أكبر بكثير من حروف كتابتها، أو ممثلة مسرح كانت تؤدى أدوار البطولة فى مسرحيات على مسرح صيف التسالى، وليست قصة نجاح مرسومة بقلم روج فوق مرآة مصقولة معلقة على جدران من الطوب اللبن الذى تعمل فيه عوامل التعرية بينما يسود فى الهواء عطر المجاملات الكاذبة.. وليست صاحبة رأس مال لم تجد وسيلة لغسله ومنحه شرعية الزمن إلا من خلال ورق صحف اختلفت الآراء على لونه بين الأصفر الكريه أو الأحمر الملتهب، وليست مجرد حسناء رفعت يدا لا تؤمن إلا بأنها أنثى فأفردت لها عشًا ملونًا يليق بآخر تحية وداع لزمن الجوارى والمحظيات!
روزاليوسف لماذا؟!
لم تكن السيدة «فاطمة محمد محيي الدين اليوسف» مجرد أنثى خرجت للحياة فى طرابلس اللبنانية عام 1898، بل كانت فتاة عربية هاجرت إلى مصر فى صباها للإعلان عن ميلاد بطيء لامرأة عربية تطرق أبواب القرن العشرين وتسعى للخلاص من ميراث عصور طويلة صعبة.
وكان المسرح تلك الخشبة الموازية للحياة، هو الأرض التى أعلنت فوقها وبصوت مرتفع حضورها، أو حضور تلك المرأة القادمة، تلك المرأة الجديدة التى بشر بها «قاسم أمين» بعد ميلاد الطفلة «فاطمة محمد محيي الدين اليوسف» بعام فى كتاب بنفس العنوان، وتتزوج فاطمة  بحفيد المؤلف بعد ذلك، وكأن الحياة لا بد أن تختبر النظريات بنارها المقدسة لحظة  الفعل!
نعم امرأة جديدة حتى لو لم تكن تقصد ذلك، امرأة جديدة تنتزع من مجتمع المثقفين القاهرى لقب «سادة برنار الشرق» لتقف كتفًا بكتف مع عميد المسرح العربى «يوسف وهبى» وسيد المسرح العملاق «نجيب الريحانى»!
روزاليوسف لماذا؟! - تتساءل سناء البيسى - وتجيب:
«لم تكن فاطمة محمد محيي الدين اليوسف» مغامرة هبطت على شوارع مصر فى ليلة مظلمة غاب فيها القمر، وملأت السحب السماء فكان ما كان، ولم تترك خلفها سوى أكوام من الذكريات عن تجربة عابرة محتها الرمال، بل كانت عنوانًا جديدًا لحكاية عربية كانت قد بدأت تتبلور منذ ثورة 1919 وهى صعود الوعى القومى العربى بجانب الاحساس الرائع بالوطنية المصرية!
كانت مصر تفتح ذراعيها بلا تردد.. وعلى أرضها نبتت كل الأشجار العربية المثمرة التى تواءمت مع تربتها من أصحاب «الأهرام» إلى أصحاب «الهلال» إلى أصحاب دار المعارف.. وغيرهم من العرب الذين تألقوا على أرض الكنانة فباتوا جزءًا من نسيجها الوطنى.. وتعبيرًا عن قلبها العربى الذى بدأ ينبض بشدة مع حركة قطار القرن العشرين!
فاطمة محمد محيي الدين اليوسف «كانت من هؤلاء.. من تلك الأشجار التى امتدت فروعها عاليًا بعد أن تغلغلت جذورها عميقة فى أرض مصر، تلك الأشجار التى كانت بمثابة تعبير  عن روح مصر التى تظلل العرب القادمين والعرب المنتظرين لدورها القادم؟!
روزاليوسف لماذا؟!
إجابة سؤال الاستاذة «سناء البيسى» فى مقال قادم ولحكاية «روزاليوسف» بقية!