الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التعليم الجامعى القانونى فى مصر

التعليم الجامعى القانونى فى مصر






أتساءلُ دوماً فى خلجات نفسى، وعبر سنوات طويلة مضت، عن فلسفة التعليم الجامعى القانونى فى مصر، وما ينتجه سنويًا من آلاف الخريجين من حملة شهادات جامعية فى كليات الحقوق والشريعة والقانون، ومؤخرًا كليات القانون فى الجامعات الخاصة، والذى أعتقد أنه بحاجة ملحة وضرورية لإعادة تقييمه بهدوء وموضوعية، فعندما التحقتُ بالجامعة – قبل نحو34 عامًا -  قررتُ دراسة الحقوق وقد كنتُ أحد أوائل الجمهورية فى الثانوية العامة، إيمانًا منى  أن طالب الحقوق يدرس - فى خلال أربع سنوات دراسية فى أروقة الكلية – مختلف جوانب الحياة من منظور علمى اجتماعى نفسى تاريخى مقارن.
فالقانون هو الحياة بمعناها الكلى، ثم تتفرع العلوم المتنوعة ليتخصص فيها ذوى الشأن، ذلك أن دراسة القانون تشمل معظم العلوم الإنسانية، وآية ذلك أننى درستُ فى كلية الحقوق قرابة أربعين مقررًا خلال أربع سنوات دراسية، وأحرزتُ – بفضل الله تعالى – أعلى التقديرات، ولكننى، وبعد هذه الخبرة الطويلة فى قاعات وأروقة الجامعات الدولية فى مختلف دول العالم، أعيد قراءة واقع المناهج والمقررات، فأجدُ تكرارًا فى المقررات فى عدد من السنوات يمكن دمجها لتتم دراستها فى ذات السنة، وآية ذلك – مثالاً وليس حصرًا – دراسة المنظمات الدولية فى الفرقة الأولى والقانون الدولى العام فى الفرقة الثانية، والقانون المدنى فى سنوات ثلاث (الثانية العقد والمسئولية التقصيرية والإثبات – والثالثة عقود البيع الإيجار والهبة – والرابعة حق الملكية والحقوق العينية)، وقانون العقوبات (العام فى الفرقة الثانية والخاص فى الفرقة الثالثة)، والقانون الإدارى والدستورى (الأولى النظم السياسية والقانون الدستورى، والثانية الإدارة العامة، والثالثة القضاء الإدارى ومبدأ المشروعية ) وهكذا.
وما من شك أن مقررات كليات الحقوق تشكل فى مجموعها موسوعة ثقافية قانونية عامة، تصلح لكل مثقف ولوغير متخصص فى القانون، وفى كثير من دول العالم فإن دراسة القانون law school تأتى بعد دراسة أى مؤهل عال، ويلتحق بهذه الكلية العريقة فى أغلب دول العالم النخبة والصفوة من خريجى الكليات والمعاهد العليا، وليس بعد الثانوية العامة كما هوالحال فى مصر، وفى ذيل كليات التنسيق وبمجموع لا يجاوز 60 %.
 وأرى- فى عجالة - أن ثمة ضرورة علمية وعملية لإعادة صياغة إطلالة النظام التعليمى الجامعى القانونى فى المسيرة التعليمية شكلا وشاكلة .. لعل من أهم محاورها فى تقديرى ما يلي:   استحداث آليات جديدة لتقييم الطالب والكشف عن مهاراته وقدراته طوال السنة الدراسية وطرح فكرة التربص به فى نهاية العام الدراسى فى ساعات قليلة لقياس ذاكرته «المجهدة والمتخوفة» ثم تصحيح هذه الأوراق فى لجان صماء ليس فيها البعد الإنسانى فى التواصل مع صاحب الإجابة ، ولا ينبغى أن يكون المجموع هوالمعيار الحاكم للالتحاق بالكليات، ففضلا عن حد أدنى مقبول للمجموع يكون الأهم هى المهارات الشخصية للطالب المتقدم، ولا أدل على ذلك من قواعد القبول بالكليات العسكرية، وبعض كليات الفنون، وبعض الجامعات الخاصة.. فسوق العمل لم ولن تستوعب كل هذه الأعداد المتجددة سنويًا.
إيجاد بدائل عملية للتعليم الجامعى بصفة عامة بفرضية أنه ليس هومآل كل خريجى الثانوية العامة بل هولعدد قليل من الطلاب ممن تتوافر لديهم الرغبة المؤيدة بالقدرة العلمية، وأعتقد أن هذا المفهوم كان سائدا لفترات طويلة فى التاريخ المصرى، فليس معنى إتاحة الرخصة استخدامها، بل على الطالب أن يواجه نفسه ويحدد طموحه بناء على إمكانياته، وقد يهيئ الله له فرصا عملية لا تتوافر لمن أكمل تعليمه الجامعي(وهم كُثْر).
 تغيير فكرة تميز حاملى الشهادات الجامعية عمن سواهم .. فالواقع أثبت – فى كل دول العالم – أن هذا التعليم الجامعى لا يدل على التميز والكفاءة فى مجالات العمل ولكن العبرة – غالبًا – بالخبرات المكتسبة من الحياة العملية مع قسط معقول من التعليم، فلا محيص الآن عن التخلى عن فكرة مجتمع الشهادات.
دراسة احتياجات سوق العمل المصرى، لكى لا يستطيل انتظار الخريجين سنوات طويلة دون جدوى!!
وبالقانون تحيا مصر