الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أم شريك القرشية (المرأة الداعية)

أم شريك القرشية (المرأة الداعية)






اسمها غزية بنت جابر بن حكيم وهى إحدى نساء قريش ثم إحدى بنى عامر بن لؤى وكانت تحت أبى العكر الدوسى وقد وقع فى قلب أم شريك الإسلام وهى بمكة وما أن تمكن الإيمان من قلبها وفهمت ما يتوجب عليها اتجاه هذا الدين الحنيف حتى أوقفت حياتها لنشر دعوة التوحيد واعلاء كلمة الله ورفع راية لا إله الا الله محمد رسول الله. وبدأت أم شريك تتحرك فى دعوتها وتدخل على نساء قريش سرًا فتدعوهن وترغبهن فى الإسلام دون كلل أو ملل وهى تدرك ما ينتظرها من تضحيات وألم وما ينتظرها من أذى وبلاء فى الأنفس والأموال, فالإيمان ليس كلمة تقال باللسان وإنما هو حقيقة ذات تكاليف وأمانة ذات أعباء وجهاد يحتاج إلى صبر.
وشاءت قدرة الله بعد فترة من الزمن أن تبدأ فترة الامتحان والتعرض للفتنة فظهر أمر أم شريك لأهل مكة فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا ولكنا سنردك إليهم.
قالت أم شريك: فجاءنى أهل أبى العكر أهل زوجها فقالوا: لعلك على دينه!!
فقلت أى والله إنى لعلى دينه.
قالوا: جرم والله لنعذبنك عذابًا شديدًا ثم ارتحلوا بنا من دارنا ونحن كنا بذى الخلصة وهو من صنعاء فساروا يريدون منزلًا وحملونى على جمل ثقال” شر ركابهم وأغلظه” يطعمونى الخبر والعسل ولا يسقونى قطرة من ماء حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس نزلوا فضربوا أخبيتهم وتركونى فى الشمس حتى ذهب عقلى وسمعى وبصرى ,فعلوا بى ذلك ثلاثة أيام.
فقالوا لى فى اليوم الثالث: اتركى ما أنت عليه.
قالت: ما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة وأشير بإصبعى إلى السماء بالتوحيد.
قالت: فوالله إننى لعلى ذلك وقد بلغنى الجهد إذ وجدت برد دلو على صدرى فأخذته فشربت منه نفسًا واحدًا ثم انتزع منى فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه. ثم أدلى إلى ثانية فشربت منه نفسًا ثم رفع فذهبت انظر فإذا هو بين السماء والأرض ثم أدلى إلى الثالثة فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسى ووجهى وثيابى.
قالت: فخرجوا فنظروا وقالوا: من أين ذلك هذا ياعدوة الله؟
فقلت لهم: إن عدو الله غيرى من خالف دينه وإما قولكم من أين هذا؟ فمن عند الله رزقًا رزقنيه الله. قالت: فانطلقوا سراعًا إلى قربهم وأداويهم فوجدوها موكوءة لم تحل.
فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا وأن الذى رزقك ما رزقك فى هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذى شرع الإسلام فأسلموا وهاجروا جميعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكانوا يعرفون فضلى عليهم وما صنع الله لى. فرحم الله أم شريك فقد ضربت أروع الأمثلة فى الدعوة إلى الله وفى الثبات على الإيمان والعقيدة, صابرة على الابتلاء معتصمة بالله وما خطر لها على بال أن تلين أو تضعف فتتنازل ولو قليلًا لتنقذ نفسها من الموت والهلاك بل كانت نتيجة الثبات أن أكرمها الله وأقر عينها بإسلام قومها وهذا غاية ما يقصده المسلم من جهاده.
(.. فوالله لأن يهدى الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم)..