
رشدي أباظة
تجربة شركة «باتا» والتأمين الصحى!
هل أتاك حديث مشروع التأمين الصحى الشامل لأول مرة على المواطنين فى مصر؟
لنتأمل المشروع وكيف انتقل من خطرات الأحلام التى كان الناس يتهامسون بها فى أحلامهم قبل هلال دولة ٣٠ يونيو.. ولنتأمل كيف صارت تلك الخطرات أفكارًا والأفكار صارت يقينًا واليقين أضحى عين اليقين.
فى خطابه الأول بعد حلف اليمين للولاية الرئاسية الثانية كرر الرئيس التاريخى لثورة الثلاثين من يونيو عبارة «بناء الإنسان» مرات عديدة ومتلاحقة.. ذروة البناء هو الاهتمام بصحة هذا الإنسان.
من هنا تم إطلاق مشروع التأمين الصحى الشامل والذى ستتحمل الدولة المصرية الجديدة الجزء الأعظم من نفقاته.. لكن من الذى يقول بأن المواطن لن يتحمل جزءًا من التكلفة؟
من يقول بذلك يحمل مزايدة على المواطن نفسه.. وقول لا يمكن تسويقه إلا فى مساحات التنابذ بين المتنطعين على الدين.. والمتنطعين على الدولة!
إذا كان هناك من يزايد بمصطلح «العدالة الاجتماعية» فإن منظومة التأمين الصحى هى العدالة القومية.. وإذا كان هناك من يزايد بالتكافل الاجتماعى فإن التأمين الصحى هو التكافل القومى.
هنا حيث يسهم المواطن فى إنجاح المشروع.. فهو يستثمر فى نفسه وفِى حياة أبنائه..
هنا يقدم خدمة لنفسه قبل أى شخص.. هى علاقة انتفاع صريحة وصيغة تعاقدية واضحة حتى لمن يريد أن يبتعد عن مساحات الانتماء..
وهنا أيضًا تبدأ المساهمة بانتماء الشخص لنفسه ولغريزته الفطرية من حب وخوف على أهله وأبنائه ومن قبلهما نفسه قبلًا!
من قبل أضحكت الدولة المواطن ثم تركته أضحوكة للزمن.. من قبل تعرض المواطن للخداع بأن جودة الحياة يمكن أن تدار بالدعم مجانًا.. انظر إلى شركات القطاع العام التى كانت تملأ الدنيا وتشغل الناس من باتا إلى النصر للسيارات إلى تليمصر.. استمتع بها جيل منخدع ثم تركها أطلالًا لمن بعده حتى بيعت فى سوق الركام.. تلك إذن قسمة ضيزى!
هذا كله وكثير غيره قررت دولة ٣٠ يونيو ألا تشارك المواطن ضحكاته المؤقتة.. كما أنها لم تتركه يبكى وتتباكى عليه هى فقط تدعوه للعمل من أجل نفسه أولًا!