
أيمن عبد المجيد
السياسة القذرة وقذارة السياسة
السياسة من المصطلحات التى يصعب تحديد تعريف جامع مانع لها، فموسوعة العلوم السياسية تعرفها بأنها « فن إدارة المجتمعات الإنسانية»، فيما يرى معجم العلوم الاجتماعية أنها « أفعال البشر التى تتصل بنشوب الصراع أو حسمه حول الصالح العام والذى يتضمن دائما استخدام القوة أو النضال فى سبيلها»، فيما يعرف المعجم القانونى السياسة بأنها « أصول أو فن إدارة الشئون العامة» فيما تقول تعريفات أخرى أنها « كيفية توزيع القوة والنفوذ ضمن تجمع ما أو نظام معين» و « القيام على الأمر بما يصلحه» أى إدارة أى تجمع لما يحقق الإصلاح. ومن الطبيعى أن تتنافس الأحزاب والقوى السياسية، على الوصول للسلطة لتسوس الناس، وتدير مجتمعهم الإنسانى الذى أصبح يسمى الدولة وهى الأرض ذات الحدود المعترف بها دوليا، التى يعيش عليها شعب، يحكمه نظام سياسى وقادة يتقنون فن إدارة شئونه وتحقيق مصالحه، والشعب هو صاحب حق منح مجموعة منه تفويض إدارته، ويتم ذلك فى الديمقراطيات الراسخة عبر صناديق الاقتراع، ويتنافس السياسيون على كسب ثقة الشعب، عبر برامج يطرحونها تحمل وعوداً للشعب بحياة أفضل حال تفويضه لهم لمدة زمنية محددة بإدارة شئون البلاد، ليكون العودة للشعب بعد انقضائها ليصدر قراره الجديد بتجديد الثقة أو منحها لآخرين نجحوا فى إقناع الأغلبية أنهم لديهم من القدرة على تحقيق الأفضل. فغاية المتنافسين سياسياً، هى الوصول لكرسى الحكم، لامتلاك سلطة القرار والفعل بما يحقق أهدافهم والتى ينبغى أن تكون للصالح العام، والوصول للحكم فى الدول الفاشلة يكون عبر انقلابات عسكرية أو اغتيالات سياسية، أو ثورات شعبية عندما تغلق آليات التغيير الديمقراطي . المتنافسون فى البلدان الديمقراطية، يسعون إلى الشعب، فكل منهم يسعى إلى إقناع القطاع الأكبر بأنه الأصلح، وهذه هى السياسة النظيفة، التى يقدم فيها كل فصيل أقصى ما لديه للمواطن، فيستفيد الشعب مجتمعيا، وفكريا، وتنمويا واقتصاديا، أما السياسة القذرة، فهى استخدام الوسائل غير المشروعة لبلوغ غاية مشروعة، وهنا تأتى الانتهازية السياسية، ويفاجأ الشعب بأن كل فصيل يحاول خداعه وإيهامه أنه الأصلح وأنه الساعى للصالح العام ، فتتغير وجوه الحكام والانتهازيين ، وفقاً لقدرتهم على الخداع لا لقدرتهم على الفعل والإنجاز، فتتغير أسماء الحكام دون أن يشعر المواطن بشىء تغير من واقعه على الأرض، أو تقدم يشهده وطنه. هذا عن السياسة القذرة، أما قذارة السياسة، فهى أن يتجاوز الانتهازيون وسائل الخداع، إلى التضحية بوحدة الوطن، ودماء أبنائه الأتباع قبل الخصوم، لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا ينطبق على الدول والقاده، فأمريكا خدعت العالم بزعم امتلاك العراق للسلاح النووي، وقتلت الملايين من العراقيين، بل وخدعت الشعب الأمريكى ذاته فقدم عشرات الآلاف من القتلى والمصابين جسديا ونفسيا، لكى يتربح بوش الابن ورامسفلد وشركائهم فى الشركات متعددة الجنسيات لنهب البترول وتجارة السلاح. وإسرائيل تقتل وتخدع الغرب بزعم دفاعها عن نفسها بينما هى مغتصبة للأرض الفلسطينية، بينما السياسة القذرة أن يغلب كل فصيل فلسطينى مصالحه على المصلحة العامة فيقتلهم انقسامهم قبل أن تقتلهم رصاصات الصهاينة، وقذارة السياسة أن تعارض حماس المصالحة، وتلقى بصواريخ فى 2009 على إسرائيل معدومة الأثر، لاستعجال مذبحة يقوم بها الصهاينة لكسب تعاطف وتمويل دولي.
ومن قذارة السياسة أن يصل الإخوان لحكم مصر بدعم من القوى الثورية، فينقلبون ويخلفون العهد والوعد، ويبحثون عن تحالفات مع فساد النظام السابق،والسياسة القذرة هى أن يستخدموا الأطفال فى الصراع السياسى وأن يلقى بالبسطاء إلى الجحيم من أجل أن يمارس الضغط لحماية قادة الجماعة وخروجهم الآمن.
من قذارة السياسة أن يكون الهدف من إزاحة الإخوان الحيلولة دون حرب أهلية وتصحيح مسار ثورة 25 يناير، ومنع احتكار فصيل واحد للسلطة، ثم تفاجأ بذات القوى السياسية وذات الأبواق الإعلامية، تحرض على القتل والحرب الأهلية والإقصاء لصالح من تتفق مصالحهم معهم، وتتلاشى من المشهد الإعلامى قضايا قومية مثل سد النهضة الإثيوبي، ومطالب الكشف عن من اغتال شهداء مصر على الحدود رمضان الماضي، أما السياسة القذرة فهى محاولة محو ثورة 25 يناير، والتشكيك فى كونها ثورة من الأساس، لكى يأمن فساد النظام الأسبق.. مطلوب معايير الوطن لكل شريف والملاحقه القضائية لكل فاسد.