
أيمن عبد المجيد
الأطفال أبناء الدولة
في أي مجتمع يحترم مستقبله، حماية الأطفال مسئولية الدولة، تشرع قوانين الحماية، وتسهر أجهزتها علي تنفيذها، ومعاقبة كل من تسول له نفسه انتهاك حق من حقوق الطفل بما في ذلك الأبوين بل تكون عقوبتهما مشددة حال اتيناهما فعل مناقض للفطرة الإنسانية.
الدول المتحضرة والساعية للتقدم، تدرك أن الأنسان عماد أي حضارة وتسعي إلي بنائه، علميا بمنظومة تعليم راقية، وجسديا بمنظومة صحية ورياضية تبدأ من الطفولة المبكرة حيث الحدائق والملاعب في المدن والمدارس، وأخلاقيا ودينيا عبر المؤسسات الدينية والثقافية، فالإنسان نواة في المجتمع وصلاح الأجزاء يؤدي لصلاح الجسد كاملا وفساد البعض يهدد سلامة المجتمع ككل.
أقول هذا بعد تكرار جرائم جماعة الاخوان، التي ترتكبها باستغلال الأطفال في المظاهرات لتحقيق أهداف سياسية، فكيف لأب أو أم أن يلبسوا أطفالهم أكفاناً لاستغلالهم في كسب تعاطف الرأي العام المحلي والعالمي، والجريمة الأكبر التي تستوجب إنزال اشد العقاب بمرتكبيها أن ثبت صحتها هو الاستعانة بأطفال في عمر الزهور من ملاجئ يشرف عليها عناصر إخوانية، لاستخدامهم وقودا في المعارك السياسية القذرة.
الطفل ليس عقاراً أو أحد المنقولات التي يملكها الأب والأم يفعلان بهما ما يشاء تحت زعم المقولة الجاهلة « ابني وأنا حر فيه ومحدش يخاف عليه أكثر مني»، هذا الكلام التافه يقال في البلدان المتخلفة والمتمسكة بالتخلف، فالأطفال مصابيح مستقبل الأوطان وملك للمجتمع ككل باعتبارهم مكوناً أساسياً له، ولا يجب تركهم لآباء وأمهات تجردوا من الإنسانية للمتاجرة بهم في معارك سياسية، فهم لا يقلون قذارة عمن يستغل الأطفال في استعطاف المواطنين للتسول.
الحكومات السابقة ارتكبت جريمة أخطر وما زالت الحكومة الحالية ترتكبها، بتجاهلها إيجاد حلول لظاهرة أطفال الشوارع التي تفشت، وتناثر الأطفال تحت الكباري، وفي الخرابات وعلي أرصفة الطرقات، يشربون المخدرات ويستغلون من البلطجية والعصابات والمتصارعين سياسيا مؤخراً، أنهم قنابل موقوتة تهدد أمن المجتمع.
هذا الطفل الملقي علي الطريق، وهذا الذي يلبسونه الكفن ويلقون به في مظاهرات، يتم العبث بتكوينه النفسي، ويصدر للمجتمع عنصرا ضارا، سيتطلب إصلاحه النفسي والفكري والأخلاقي، كثير من الوقت والجهد، حال وجود نية وخطة من الدولة بالأساس.
إصدار تشريعات قانونية تحمي الأطفال وتعاقب من يعرضهم للخطر، اصبح ضرورة حتمية وهو ليس بدعة، بل معمول به في كل دول العالم المتقدم، فها هي صحيفة « نيوز» الأسترالية تنقل قصة خبرية تجعلك تحترم هذا المجتمع الذي يطبق روح الاسلام في حين يتاجر المتأسلمون بأطفالهم، تقول الصحيفة ١٢يونية الماضي أن محكمة بريزبن الأسترالية أصدرت حكماً بسجن سيدة سعودية (27 عاماً) لمدة ستة أشهر بتهمة ترك طفلها البالغ من العمر أربعة أشهر ونصف داخل السيارة يتعرض للشمس مباشرة لمدة 45 دقيقة، دون أن يكون هناك شيء يحميه طوال هذه المدة.
والطريف أن السيدة العربية التي تدرس هناك، أثارة أزمة داخل قاعة المحكمة لرفضها كشف النقاب عن وجهها، عندما طلب القاضي ذلك للتأكد من شخصيتها، وأن شغلت الجالية العربية وصحف شرق أوسطية نقلت الخبر بقضية كشف وجهها للقاضي من عدمه، وتركت جوهر القضية وهو حماية الدولة للأطفال علي أراضيها حتي إن كانوا أجانب، ومن عرض حياة الطفل للخطر أحد أبويه.
اعتراف الأم بخطأها واعتذارها للشرطة التي حررت الواقعة دفع القاضي لتخفيف الحكم بوقف تنفيذه مستنداً في ذلك لحسن تعاملها مع السلطات واعترافها بالخطأ والتعهد بعدم تكراره.
مثل هذه الدول تعلم مسئوليتها تجاه نشء سيحدد مستقبله، أين نحن من هؤلاء ؟! فعن الأسر المتفككة، والاتجار بالأطفال وما يصدر لمجتمعنا من مرضي نفسيين ومتطرفين حدث ولا حرج والدولة غائبة، مجرمو المستقبل يا سادة ضحايا اليوم.