
كمال عامر
أندرسون.. المرأة الحديدية الأمريكية
■ ليزا أندرسون رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة.. نموذج يجب التوقف عنده.. تزامن توليها لهذا المنصب ـ ديسمبر 2010 ـ أن دخلت مصر مرحلة التوترات والمظاهرات والقنابل والخرطوش والرصاص.. والموت والدم والأخطر سقوط نظام سياسى بكل تفاصيله ومعالمه وهو ما كان مفاجأة.
ليزا أندرسون رئيس الجامعة الأمريكية.. وجدت نفسها وجامعتها وسط النيران، هجوم ومحاصرة بأكثر من مليون مصرى.. هم الذين اقتربوا ورسموا على جدران مبنى الجامعة الأمريكية بالتحرير.. وحاولوا اختراقها بإتهمامات القناصة وغيرها!!.
الأخطر أن اضطرابات الشارع والمطالب الفئوية وجدت طريقها إلى داخل الجامعة الأمريكية بعد أن جرت محاولات عديدة من قوى متربصة بالدخول إلى الجامعة.. كما حدث واحترقت الجامعات الآخرى بنيران الأحداث .. ونجحت الجامعة الأمريكية فى المحافظة على نفسها دون أى أضرار.
ليزا أندرسون رئيس الجامعة الأمريكية وجدت نفسها وسط هذا الجو الخانق.. ولكنها نجحت كربان سفينة وبمهارة فائقة فى المحافظة على خصوصية المكان وسلامة كل الأعضاء من أساتذة وطلبة وإداريين وعمالة.
امرأة حديدية.. هذا هو الوصف الذى أطلق على رئيس الجامعة الأمريكية ليزا أندرسون بعد نجاحها فى امتصاص غضب طلاب وإدارتها لعملية نزع فتيل أزمة كادت أن تعف بخصوصية الجامعة الأمريكية.. بعد أن أوضحت أن الجامعة تتحمل 122 مليون جنيه كمنح ومساعدات للطلبة غير القادرين.. وبذلت جهوداً واضحة ومهمة فى ابراز القيم الأمريكية التى تدعو لحرية التظاهر والتعبير دون إلحاق الضرر بالآخرين.
وبعد نجاحها فى المحافظة على سلامة وأمن كل العاملين فى الجامعة الأمريكية والأهم على العلاقة المتميزة لهذا الصرح التعليمى مع كل القوى السياسية فى مصر وفى رأيى أن محافظة المرأة الحديدية ليزا أندرسون على خصوصية الجامعة فى التعليم ومكانتها وسط كل هذا الكم من المشاكل هى علامة مميزة فى مشوارها العلمى والمهنى.
■ لم تكتف ليزا أندرسون بالفرجة على مشهد السياسى الملتهب فى مصر.. بل خرجت وشاركت وأدارت حوارات وحلقات نقاش واستضافت الجامعة الأمريكية خبراء فى الاقتصاد للرد على الاستفسارات الاقتصادية.. وخبراء فى السياسة والاجتماع.. وشهد مبنى الجامعة الأمريكية بالتحرير جدلا سياسيا مُهما.. وفى المقر الجديد بالتجمع الخامس سعت الجامعة الأمريكية لخروج طلابها فى زيارات للمناطق الفقيرة وتقديم المساعدات للأهالى والمنازل والشوارع وتوفير الاحتياجات.. والأطعمة.. أيضا استقبلت الجامعة الأمريكية الألوف من المصريين ضمن برامج لتنمية المهارات أو تعليم اللغة أو للتحاور والنقاش.
المرأة الحديدية ليزا أندرسون لا تترك فرصة للنفاذ إلى المصريين إلا استغلتها.. ولا أخرى لاستقبال المصريين من شرائح المجتمع المختلفة إلا سعت إليها.. وأرى أن قوة ليزا أندرسون فى تمرير رسالتها بهدوء ودون ضوضاء أو خسائر وهى ما تطلق عليها القوة الناعمة فى نفس الوقت تعاملت بحدة وقوة مع كل الشوائب التى كانت موجهة للجامعة واستقرارها.
نعم هى امرأة حديدية تنفذ فكرا هادئا وتفوز فى حرب الخصوصية..وأعتقد أن خبرتها الأكاديمية والعلمية بالمنطقة ومصر اتاح لها فهم وإداراك كل مايحدث وتفسيره .
ليزا أندرسون لها مؤلفات عديدة منها «متابعة الحقيقة»، و«ممارسات السلطة»، و«العلوم الاجتماعية والسياسية العامة فى القرن الحادى والعشرين»، و«الدولة والتحول الاجتماعى فى تونس وليبيا 1830 ـ 1980» وشغلت منصب الرئيس السابق لاتحاد دراسات الشرق الاوسط ورئيس مجلس إدارة بحوث العلوم الاجتماعية ولها تاريخ طويل مع المناصب والذى أتاح لها رؤية أشمل وأعمق على أحداث العالم العربى.. وقد حصلت على بكالوريوس من كلية سارة لورانس وماجستير فى القانون والدبلوماسية من كلية فليتشر جامعة تاڤنس والدكتوراة فى العلوم السياسية من جامعة كولومبيا 81.
مشوار عملها بالقاهرة حيث تولت منصب المدير الاكاديمى للجامعة الأمريكية منذ 2008 أتاح لها معرفة خط سير كل الاتجاهات مما ساعدها فى تنفيذ خطط التطوير.