الجمعة 26 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المشير والبرنامج

المشير والبرنامج






أما وقد قرر المشير السيسى الترشح للمنصب الرفيع فى رئاسة مصر، وبات واضحا انها مسألة ايام قليلة قبل  الإعلان الرسمى،  وبعد هذا الضغط الشعبى الهائل عليه وعلى المؤسسة العسكرية برمتها بما لم يدع مجالا لخيارات شخصية ذاتية، فقد اصبح الاستحقاق الاول للترشح واجبا، الا وهو البرنامج  الرئاسى الواضح والمحدد والدقيق، الواضح بكلمات قصيرة ليس فيها اجتهاد لغوى أو ابتكار مصطلحى، كلمات بسيطة تصل مباشرة إلى عقول البسطاء وإلى فهمهم وإلى وجدانهم تتلاءم مع هذا التعبير الفطرى الشعبى فى الانحياز للمشير السيسى.

البرنامج الرئاسى المحدد بقضايا ملحة لها اولوية حقيقية فى حياة المصريين فى المدى القصير والمدى المتوسط، بجدول زمنى محدد بالمدة الرئاسية  وعلى قياس الاربع سنوات، لا اكثر ولا اقل، فالحديث عن البرامج العملاقة التى تحتاج إلى عشرات السنوات من التنفيذ تخاصمه الفطنة، اعادة استهلاك تعبيرات المشروع القومى الذى يلتف حوله المصريون يجافى عين الحقيقة، ولم يعد «يبيع» عند المصريين ولا اصبح «يدخل عليهم» فمنذ ما يقرب من ٧٠ عاما يتم تداول هذه التعبيرات عن مشروعات قومية دون اثر واضح على الارض، فلا المصريون وجدوا مشروعا قوميا يلتفون حوله ولا مشاعرهم اصبحت تحتمل هذا النوع من المغازلة السياسية.

وفى هذا السياق يريد المصريون كلاما مباشرا محددا بمدة زمنية دقيقة، فى قضايا وملفات هى واجبة الان وليس غدا، الامن والمرور والقمامة والاسعار والسياحة والتعليم وفرص العمل، فالناس لا تأكل سياسة ولا تعيش تفاصيل حياتها اليومية بالسياسة، ولا تجد وظائفها بالسياسة، وانما بالاستثمار واعادة الثقة للمستثمرين،  فان  تم تنفيذ ٦٠ ٪ من هذا البرنامج لحصلت مصر والمصريون على انجاز رائع.

ولا اظن أن مصرياً واحداً يعيش على هذه الارض او خارجها ويدرك حجم المشكلات الضخمة التى تعانى منها البلاد والعباد منذ يناير ٢٠١١، لا اظن أن هذا المصرى ينتظر أن يتم تبديل الحال السياسى والاقتصادى والاجتماعى بمجرد وصول المشير السيسى إلى المقعد الرئاسى.

ولا اظن أن هناك وطنياً فى هذا البلد لم يستوعب حجم الدمار الشامل الذى طال الجميع ولحق بمؤسسات الدولة مرة وقواعد اركانها مرات وارزاق اهلها مرات اخرى، ومن ثم لا يدرك حجم الجهد الرهيب المطلوب اولا لاعادة التوازن لادوات الدولة واستقرارها بما ينعكس ايجابيا على تفاصيل الحياة اليومية لحياة البسطاء فى هذا الوطن.

 وهو الجهد الذى من المستحيل أن يتم إلا فى اجواء مختلفة تماما تبتعد عن واقع الحال الحادث الآن بحساباته السياسية المشبوهة والمقاصد الشخصية الضيقة، وإعلامه المتوتر والموتور، والذى من المستحيل أن يتم الا اذا غلب الضمير الوطنى وادرك الجميع انه ليست هناك حلول سحرية، وليس هناك زر لحل المشكلات وابعاد الغمة عن المصريين، كما انه ليست هناك عصا موسى التى تشق البحر ولا موائد المن والسلوى التى تنزل من السماء.

 ومن ثم أن تكون لحظة اعلان المشير السيسى للترشح للمنصب الرفيع، هى لحظة الاعلان عن البرنامج الرئاسى المحدد زمنيا بأربع سنوات، فى كلمات بسيطة دقيقة موجزة تستند إلى قاعدة تحقيق الممكن لا الوعد بالمستحيل.