محمد عبد النور
برنامج المشير الانتخابى
القراءة الاولى فيما اعلنه السيد عمرو موسى من رؤى تؤسس للبرنامج الانتخابى للمشير السيسى عند ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية تضع مجموعة من المحددات لا يختلف عليها مصرى وطنى واحد، بدءا من ضرورة الارتقاء السريع بتفاصيل الحياة اليومية للملايين من بسطاء المصريين وتحسين احوالهم المعيشية، وحتى الاقرار بحق الاختلاف السلمى بين ابناء الوطن الواحد، مرورا بإعادة التأثير للدور المصرى فى الاقليم، ودوائر المجال الحيوى للمصالح المصرية العليا، استنادا لقوة مصر الناعمة فى جانب واحذيتها الثقيلة فى جانب آخر.
حسنا.. وفى هذا السياق.. وبعيدا عن المصطلحات الضخمة والنظريات المعقدة وطرح الاحلام المستحيلة، وبحسابات واقع الامور، علينا ان نسلم بحالة التفاؤل الشعبى غير المسبوقة التى أصبحت سمة اساسية للمزاج العام وهو ينتظر اعلان المشير السيسى ترشحه للمنصب المرموق، وعلينا ان نتحسب الى ان هذا المزاج العام من التفاؤل كان نتاجا حقيقيا لفعل حقيقى على الارض صنعه الملايين من المصريين فى زلزال 30 يونيو.
بل ان المشير السيسى نفسه شخصا ومضمونا منذ 3 يوليو، قد اصبح نتاجا على الارض لحالة التفاؤل الشعبى، وفى هذا السياق ايضا مارس المصريون بذكائهم الفطرى وبمختلف مراحلهم العمرية وبتفاوت مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، وسائل الضغط الشعبى على الرجل، الى الحد الذى لم يترك له خيارا سوى الاذعان لهذه الضغوط.
ومن ثم، فهذا المزاج المصرى العام المتفائل كى يثبت تفاؤله ويستمر، يحتاج الى كلمات واضحة لبرامج محددة ذات توقيتات زمنية دقيقة، تؤتى نتاجا ايجابيا على المدى القصير والمتوسط، كواقع أمر يلمسه المصريون على الارض، فى ملفات هى الاكثر الحاحا عند المصريين، الامن والاسعار والمرور والنظافة، فالناس لا تأكل سياسة، ولا تشعر بالامن بالارقام، ولا تعيش بالاحلام المؤجلة.
فالمزاج العام المتفائل هو مزاج هش قابل للتحول الى النقيض ان لم يلمس تغيرا سريعا فى تفاصيل الحياة اليومية، مزاج عام لن يتوافق مع مضامين «تشرشل» حين خاطب الانجليز قائلا: «لا اعدكم سوى بالعرق والدم والدموع»، فلا المصريون كالبريطانيين، ولا مصر كانجلترا، ولا الانجليز عاشوا كالمصريين، ولا انجلترا عايشت ما عايشته مصر، فالقياس خاطئ شكلا ومضمونا.
المصريون منذ اكثر من نصف قرن مضى لم يعرفوا سوى العرق والدم والدموع وشد الحزام، عرفوا الاحلام المستحيلة واصيبوا بالاحباطات الكبرى، صحيح ان حياتهم تطورت ايجابيا بعض الشىء بمقاييس التطور الانسانى، ولكن الخلل فى اداء الدولة وانعدام الخيال السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وانه ليس فى الامكان ابدع مما كان اجهز على كل ضوء فى نهاية النفق الكئيب، فحبال الصبر قد تقطعت الا بعضها لا يسترها سوى حالة التفاؤل الشعبى العام، فالمصريون الان وليس غدا، يحتاجون إلى من يحنو عليهم.






