
كمال عامر
الاستثمارات العربية.. الحماية والمصادرة
وفود اقتصادية تستقبلها القاهرة.. أمريكية وإنجليزية وقطرية وسعودية.. الإعلان عنها بالإعلام يبشرنا بأن الاستثمارات العربية والأجنبية تتصارع علي الحضور إلي القاهرة.. يزيد من هذه القناعة ردود الفعل الرسمية من الجانب المصري.. أصبح كل مصري يعيش حلما في نصيب أكبر من تلك الاستثمارات يساعد في مواجهة الارتفاع في الأسعار.. المسئولون عندنا أيضا زادوا من ثقتنا في رفع أرقام الاستثمارات الأجنبية.
الحقيقة أن هناك أشياء يجب الانتباه إليها.. وهي وجود مشاكل متنوعة بشأن جذب الاستثمارات الأجنبية إلي مصر مع الأسف لم يتم الإعلان عنها والمسئول المصري يحاول بقدر الإمكان عدم الافصاح عن تلك المشاكل، خاصة أنها عادة ليست من صفه ولا يعلم عنها شيئا إلا في أثناء المباحثات التي تجري.. نفس الأسلوب الذي كانت تدار به السياسة الإعلامية والإعلانية الخاصة بالأموال ومشروعات.. نظام الرئيس السابق مبارك كان يفضل عدم النشر حول أسرار العملية الاستثمارية وبالتالي لم يعلم معظمنا ماذا حدث بشأن المشروعات المشتركة مع روسيا والصين وإيطاليا وفرنسا وألمانيا.. أو علي الأقل لماذا لم يتم تنفيذ ما يتم الإعلان عنه.. حتي الآن لم نسمع عن الأسباب التي كانت وراء التعطيل.
نفس السيناريو وأرجو ألا يتكرر.. قوافل تجارية رايحة.. جاية.. مباحثات اقتصادية مهمة مع وفود متنوعة ونتائج أعتقد أنها لن تتساوي مع الإعلان عن الاجتماعات أو النتائج.
وفد سعودي اقتصادي مهم حضر إلي القاهرة يرأسه «عادل فقيه» وزير العمل السعودي علي رأس وفد من رجال الأعمال من الشقيقة السعودية الأجندة واضحة.. قبل أن نطلب استثمارات جديدة يجب حل المشاكل الموجودة قبل أن ندعو لزيادة الاستثمارات العربية سواء امارات أو قطر أو السعودية.. من غير المعقول أن تكون هناك حماية مضاعفة وواضحة للاستثمارات الأجنبية العالمية وحلول لأي مشاكل تواجه المستثمر الأمريكي أو السويسري أو الإيطالي، في نفس الوقت يجد المستثمر العربي نفسه وقد تم سحب مشروعه ومصادرة فلوسه أو الزج به إلي السجن!
المستثمر العربي في مصر غريب يعامل معاملة غير منصفة.. هناك فروق في تعامل الأجهزة المصرية مع رجل الأعمال العربي من جهة والأجنبي من جهة أخري برغم أن القوانين واحدة علي الطرفين.
رجال الأعمال العرب يشعرون بالإحباط وهناك منهم يشعر بأنه غير مُرحب به.. هم يتحملون أي آثار لموقف سياسي بين بلدهم ومصر.. مثلا لو حدث توتر بين مسئول عربي ومسئول في مصر علي خلفية أي تعارض في وجهات النظر ولو علي صفحات الجرائد أو برامج التليفزيون نجد انعكاسه علي الرأي العام في مصر وبدون تأجيل.. بمعني أوضح التوتر الإعلامي بين مصر والإمارات انعكس علي رجال الأعمال الإماراتيين وألحق بهم ضررا واضحا.. نفس السيناريو مع رجال الأعمال من السعودية بعضهم فقد أمواله، وتمت مصادرة مشروعاته وبعضهم تمت ملاحقته قانونيا ومهدد بالسجن.. ويعاني أيضا رجال الأعمال من الكويت نفس المشكلة.
هناك غضب تحت السطح واضح من التصرفات المصرية تجاه عدد كبير من المستثمرين العرب حيث يتم مطاردتهم بالقانون الإداري برغم أن هذا النوع من المحاكم لا يجوز له نظر الخلافات المالية وصحة العقود وغيرها.. هم أيضا لا يشعرون بالأمان.. ويشعرون بالتفرقة من جانب المصريين، وأصبح لديهم يقين بأن المستثمرين من الدول الغربية محصنون والدليل عدم ظهور أي خلاف أو مشكلة أو قانون أو مصادرة لأموالهم أو غلق مشروعاتهم في مصر.. وتم تفسير هذا الموقف بأن حكومات الدول الغربية قوية وواضحة وتملك أليات مساندة ومساعدة لمستثمريها في مصر.. عكس الحكومات العربية الأمر الذي فهمه المصريون علي أن المستثمر العربي بدون حماية أو غطاء رأس يحميه من التقلبات المزاجية للمصريين.
الحكاية وبوضوح تؤكد أن هناك حالة غضب من جانب المستثمرين العرب الموجودين بمشروعاتهم في مصر، هم غير مسئولين عما يحدث من وجود خلل في نظام البيع والشراء لهم.. لقد حضروا إلينا للاستثمار وفقا لقوانين واضحة وليس لهم أي ذنب إذا ما قام أحد من المسئولين المصريين بتغيير قواعد اقتصادية لصالح نفسه علي حساب البلد.. المسئولية هنا تقع علي المسئول المصري وليس غيره.. المستثمر العربي أكثر إفادة لمصر والمصريين.. بينما المستثمر الآخر هدفه الواضح الفلوس.. والدولة التي تملك حوافز لجذب رأس المال العربي أو الأجنبي هي الرابحة.. وعلي مصر الجديدة أن تبذل مجهودا في تنقية ما تراه من قوانين وعليها أن تكون أكثر شفافية في مسألة العقود الاقتصادية علي مصر الجديدة حل مشاكل المستثمرين العرب لبث الطمأنية لدي الآخرين، والأهم أن تكون الاستثمارات العربية هي الأولي بالرعاية وليست الأجنبية أو علي الأقل عمل مساواة.. حل تلك المشاكل أولوية لو أردنا بالفعل جذب المزيد منهم.