
كمال عامر
حصار مصر اقتصادياً
■ أفضل ما فى الديمقراطية أن هناك صراعًا قويًا وعنيفًا بين أجنحة العمل السياسى والتراشق بالأقلام والتصريحات ملحوظ.. لكن صوت العقل يقول إن المشكلة أكبر من الأجنحة..
لا نرى أو نرصد سوى كلام وتهديد ووعيد وخراب واضح وبالتالى ارتفاع فى نسب الفقر.. لا إنتاج ولا عمل ولا تنمية.. وهناك طبع أوراق نقدية جديدة بالمليارات مما يبشر بالتضخم وموجة ارتفاع الأسعار وهى قادمة لا محال.. والتبريرات موجودة حتى الآن الشعب هو الخاسر والفرقاء السياسيون مهتمون بأنفسهم أولًا.. وسط هذا الجو .. اتضح أن النهضة هو شعار.. وقد اعترف بذلك كبار الإخوان قبل غيرهم وحتى وزير التنمية المحلية قال إنها أفكار على الورق لم تصل لأى وزير أوراق بخصوصها.. إذًا مشروع النهضة شعار انتخابى فقط وليس له أى مردود على الوطن أو المواطن وهو فى عالم السياسة أمر مشروع..
إذا كان النهضة وهمًا فماذا بعد ذلك..؟
.. لا شيء واضحًا، الجهود المبذولة لعودة الاستثمار الأجنبى غير مجدية طالما أن القضاء الإدارى شرع بسرقة حقوق المستثمرين العرب والأجانب وأباح أموالهم وصادرها والأجدى هو حل تلك المشاكل الآن وليس غداً... لن يأتى أحد للاستثمار فى مصر طالما أن القانون غائب.. واللوائح مطاطة.. وكل مسئول يحكم طبقًا لقناعاته!
البلد لن يبنيه الشعب وحده..
ولا رجال الأعمال الوطنيون فقط..
حيث لم نرصد شعبًا قام ببناء بلده وحده لكن الاستثمارات الأجنبية يمكنها التسريع فى ذلك.. وهى لن تحضر لمصر على الأقل كما كان يحدث إلا فى وجود حزمة إغراءات لجذب تلك الأموال..
رجال الأعمال العرب ذهبوا إلى تركيا بعد أن هربوا من سوريا ولبنان والعراق ولكنهم غير مرتاحين للعمل هناك.. إنهم يفضلون مصر..
قد يرد أحد بأن هناك حالات فساد فى العقود الاقتصادية السابقة للثورة والرد فى كل بلدان العالم يحدث هذا.. ثم ما ذنب المستثمر. يجب وقف عملية تخوين المستثمرين وإتهامهم بالفساد هذا غير حقيقي.. الحكومات السابقة للثورة فى سبيلها للتسويق والترويج لفرص الاستثمار كانت تقدم حزمة إجراءات جاذبة.. وفى وسط هذا العمل ممن الممكن أن يكون هناك أخطاء.. تجربة منح أرض الرحاب لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى نموذجية أرض صحراء بأفكار ملهمة النتيجة مشروع جاذب للاستثمار والمكسب منح أرض توشكى للوليد بن طلال مكسب لمصر وليس للوليد وحتى لو الفدان ب50 جنيهًا.. لقد أعاد الرجل 75٪ من الأرض وسط زفة إعلامية لتشويه من قرر منح الوليد تلك الأرض اتهامات وصلت إلى تقديم رشاوي..
المهم أن الحكومة فشلت فى تسويق الأرض العائدة من الوليد بن طلال لها والأخطر أن مزاد البيع لم يتقدم له أحد هذا معناه أننا لا نفكر بالعقل حتى فى المشروعات الاقتصادية التى يتطلب التعامل معها إلغاء العاطفة تمامًا.
الواقع على الأرض يؤكد أن حكومات الدول العربية ترغب فى حل المشاكل أمام مواطنيها من رجال الأعمال أولاً.وهذا كان محور نقاش بين د. هشام قنديل ورجال الأعمال من السعودية والكويت والإمارات وحتى قطر..
حجم المشاكل الاقتصادية مرعب ومن الواضح أن العالم يرفض التعاون مع مصر - الآن - طبعًا الأسباب الحقيقية معروفة. حيث إن غياب الرؤى السياسية والمستقبل فى هذا الشأن وضبابية القرار والحالة المزاجية للقرار السياسى وغياب المؤسسات التشريعية والانفلات الأمنى والإعلامى وغليان الشارع كلها أمور يراها الغرب أنها مربكة لذا هم يحاصرون مصر اقتصاديًا ويراقبون.. أيضًا منعوا الأصدقاء من الدول العربية الغنية من التدخل لانقاذ الاقتصاد المصرى والذى بدأ يترنح!
بالفعل كل من يتولى منصبًا فى حكومة قنديل أو غيرها يرغب أن تنجح ويحاول ولكن العوامل العكسية أقوي..
يهددون لو سارت الأمور الحالية بما فيها هكذا سنجد أنفسنا أمام ثورة جياع.. وقتها لن ينفع أمن ولا حكومة ولا غيرهما.. أنا أحذر..
على الإخوان المسلمين إعادة النظر فيما يحدث على الأقل فى دراسة أسباب الاحتقان الداخلى والخارجي..
مطلوب عدد من الرسائل للعالم.. ليست على الطريقة الحالية والتى تتميز بالكلام دون الأفعال وهو ما كشف عن مراهقة القرار السياسى وعدم خبرته..
على أصحاب القرار الانتباه بأن الإعلان عن قرارات يتضح أنها غير صحيحة يصب فى عدم الثقة!
البلد على نار تغلي.. والشعب حالته حال.. وتهديد الوزراء برفع أسعار بعض المنتجات دون بذل جهود فى سبيل توفير فرص عمل أو تنمية حقيقية أمر يزيد من عملية الاحتقان ويعجل بإعلان الغضب.. الحكاية يمكن لأى مراهق سياسى أن يرصدها.. وعلينا أن نضع حلولًا لذلك والآن..!