
كمال عامر
سقوط الرياضة العربية
الرياضة فى العالم العربى يمكن أن تلعب دورًا فى تنقية الأجواء بين الأفراد.. وأيضًا بين الدول.. فى العالم المتقدم نجد الرياضة تحقق التقارب وتزيل الاحتقان.. والدورات المجمعة أوليمبية أو كأس العالم عادة ما نجد لاعبين معًا من دول بينها خلافات.. ولأن القوانين الرياضية فى مثل هذه التجمعات تمنع الخلافات حول الدين، اللون، العرق شاهدنا مباريات للعراق مع الكويت وقت أزمة اجتياح الكويت ومباريات بين أمريكا والصين برغم الجفاء السياسى.. بينما عندنا فى الدول العربية مازالت الرياضة تعكس العلاقات السياسية وليس لها دور فى التلاحم أو انحصار المشاكل والخلافات فى تجسد أثار سيئة ناتجة من مباراة لمنتخب مصر والجزائر، تحولت الرياضة فى عالمنا العربى إلى أحد أجنحة السياسة، مما منح الحكومات ومراكز القوى فيها إلى تسييس الرياضة ومصادرة حريتها.. وقد أدى ذلك تحولها إلى سلاح آخر للخلافات وتمزق العلاقات.
بشأن مونديال 2022 المقرر إقامته فى قطر دون شك عندما تم إغلاق القرار عمت الفرحة شوارع العواصم العربية، إقامة المونديال فى قطر يعنى حلماً تحقق للأمة العربية ولشعوبها جميعًا، لم يعد الحلم مصريًا أو سعوديًا أو مغربيًا بل السعادة كانت للجميع معًا.
بمرور الأيام الاختلاف حول دور قطر فى الأحداث السياسية الساخنة فى عدد من الدول العربية والخلافات السياسية حول هذا الدور.. انعكس على الرياضة والرياضيين وجدنا صحافة عربية تتسابق فى نشر ما بالصحف الأجنبية المعارضة لاستضافة قطر لمونديال 2022.. وقرأنا عن وكالات أنباء عربية الاتهامات إلى قطر بشأن عدم شفافية قرار الاستضافة بل وجدنا بعض الصحف والإذاعات والفضائيات العربية تشارك فى اتهام قطر.. حتى عندما تمت براءة قطر وحكومتها من أى اتهامات بشأن ما تردد حول قرار الفيفا بالاستضافة، وجدت عددًا من الرياضيين والصحفيين غير مرحب بذلك هذا السلوك ناتج من توتر سياسى بين دول هذا الإعلام وقطر.. فى مصر أيضًا تكرر السيناريو.. الشارع انقسم حول دور الدولة الخليجية فى الأحداث السياسية ومهنية قناة الجزيرة وتوجه الجزيرة مباشر مصر، وهذا الانقسام امتد إلى الرياضة والإعلام الرياضى.. والذى وجدته أيضًا معاديًا لقطر الرياضية وأوضح دليل الانقسام الحاد ومهاجمة قرار اتحاد كرة اليد بمشاركة منتخب مصر بمونديال اليد فى 2015 بالدوحة، والهجوم العنيف لعدد من الأقلام الرياضية والرياضيين ضد القرار وضد قطر، وصل الأمر بوصفه بالخيانة.. الرياضة هنا تركت دورها.. وانجذبت بقصد أو دون قصد إلى السياسة بكل ما فيها.
لم تلعب الرياضة فى العالم العربى أى دور فى رأب الصدع بين الحكومات العربية، واختفى دور الرياضيين تمامًا على الأقل بالنسبة لما يرفعونه من شعارات سامية.
الرياضيون فى العالم العربى مازالوا بعيدين عن دورهم المفروض أن يقوموا به تجاه الشعوب والمجتمعات العربية، انهم يكتفون بالفرجة على الخلافات السياسية/ السياسية، والأكثر حزنًا تطوعهم بأن يكونوا رأس حربة فى صناعة المشاكل السياسية بين الدول العربية.
أنا أرى سقوط الرياضة العربية وهزيمتها أمام مشاكل السياسيين.. وما شاهدناه يؤكد ذلك أتمنى 2015 أن يعيد الرياضيين للرياضة العربية قيمها وأخلاقياتها.