الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التحاليل السياسية للمباراة
كتب

التحاليل السياسية للمباراة




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 18 - 11 - 2009


أبوتريكة هو مفتاح الفوز ورجل المهام الصعبة


1


- "الفرحة" لا تحتاج علماء التاريخ والنفس والاجتماع لتفسيرها.. وعندما يخرج الآلاف إلي الشوارع تعبيرا عن سعادتهم بالفوز علي الجزائر، فلسنا في حاجة إلي إدخالهم عيادة التحليل السياسي لاكتشاف الأسباب.


- البعض يتناسي أنها ظاهرة قديمة، ولا يتذكرون مباراة الإسماعيلي والإنجلبير في السبعينيات، عندما احتشد 021 ألف مشجع في استاد القاهرة، وشجعوا الإسماعيلي ليفوز بأول بطولة أفريقية.
- تكرر المشهد عشرات المرات مع المنتخب الوطني والأهلي والزمالك، حتي في منافسات الدوري العام، تخرج الجماهير إلي الشوارع للاحتفال بفريقها، وحدث شيء شبيه عندما فاز الإسماعيلي بالكأس ضد الأهلي.
2
- في إيطاليا والبرازيل وفرنسا وغيرها من الدول، يفعلون أكثر من ذلك، وتخرج الجماهير إلي الشوارع بالملايين للاحتفال بالفوز بكأس العالم أو البطولات الأوروبية، ولا يطالب المتفلسفون بإدخال جماهيرهم العيادة النفسية.
- زعماء العالم - أيضاً - يحرصون علي حضور المباريات النهائية في الاستادات ويهنئون فرقهم بالفوز، دون أن يفلسف أحد الأمور، أو يقول إن ذلك تعويض عن الحقوق السياسية الضائعة.
- كرة القدم أصبحت مثل السينما، ونجومها في العالم ومصر يتمتعون بشعبية تفوق نجوم السينما، ويحصلون علي الملايين، وهم سفراء فوق العادة أينما ذهبوا.
3
- في بعض الصحف الخاصة والفضائيات، يحلو للبعض أن يسيس كل شيء، ويفلسف الأمور ويربطها بتداول السلطة وحرية الانتخابات والتوريث وغيرها من التفسيرات.
- إحدي الصحف تقول مثلاً: "النظام سمح للجماهير بالاحتفال في الشوارع ليلهيهم عن المطالبة بأجورهم وحقوقهم الضائعة".. والسؤال هنا: هل "الأخ نظام" هو الذي أجبر الناس علي الخروج إلي الشوارع؟
- صحيفة أخري تقول: "علاء وجمال مبارك حضرا المباراة لتسليط الأضواء عليهما".. والسؤال هنا: أليس علاء وجمال يحضران المباريات المختلفة منذ عشر سنوات علي الأقل ويشاركان في البطولات الرمضانية وغيرها؟
4
- "محلل" آخر يقول إن الحكومة هي التي افتعلت الأزمة مع الجزائر، حتي يلتف الناس حولها ويحدث التوحد الذي نراه الآن، فالحكومات تخطئ والشعوب تدفع الثمن!!
- السؤال هنا: وهل الحكومة هي التي وضعت الكرة في رأس عماد متعب ليسجل هدف الصدمة والإنقاذ قبل النهاية بثوانٍ، ويطلق المظاهرات في الشوارع؟
- "التحاليل" الأخري كثيرة ومثيرة، وتميل إلي التعقيد، وتنطبق علي أي موقف، نفس الأشياء تقال في تفسير أنفلونزا الخنازير وأزمة الخبز ومياه الشرب وفيروس سي.. أي شيء ينطبق عليه مثل هذا الكلام.
5
- غير الهوس التقليدي بكرة القدم.. خرجت الجماهير المصرية إلي الشوارع، وبإذن الله سوف تخرج اليوم، لأسباب أخري مختلفة أهمها التكثيف الإعلامي الرهيب الذي لم يسبق له مثيل.
- ست فضائيات مصرية خاصة، ثلاث ضمت بثها، وثلاث عملت بمفردها، وظلت علي مدي 27 ساعة قبل المباراة في إذاعة الأغاني الوطنية وأهداف الفريق المصري واحتفالات الجماهير السابقة.
- لم يحدث ذلك في غزة - مثلاً - ولو حدث نصفه أو عشره لقطعنا ألسنة كثيرة، تطاولت علينا وحرضت ضدنا.. والحشد الإعلامي الذي تم توظيفه في الكرة غائب في أحداث كثيرة.
6
- السبب الثاني لخروج الناس بعشرات الآلاف هو استفزازات الجمهور ووسائل الإعلام الجزائرية التي سبقت المباراة بشهر تقريباً، ووصل الأمر إلي حد الإهانة والإساءة والتطاول.
- ربما لم يقرأ أحد ما تنشره الصحف الجزائرية، ولكن شباب الفيس بوك وهم بالآلاف كانوا يتابعون ذلك يومياً، مما خلق في نفوسهم موجات من الغضب والحماس للرد.
- وسائل الإعلام أخرجت المباراة عن سياقها الطبيعي ورفعتها إلي درجة الحرب، وأعلنت حالة التأهب القصوي، سواء في مباراة السبت أو الأربعاء.
7
- علينا أن نعترف صراحة بأن الإعلام الخاص توحش، وسواء كان يفعل ذلك بحسن نية - وهذا ما أثق فيه - أو بسوء نية، فالأمر يحتاج إلي وقفة حتمية.
- المسألة ليست "هبلة ومسكوها طبلة"، ولكن بضبط الرسالة الإعلامية، حتي تؤدي أهدافها، ولا تنجم عنها خسائر فادحة، سواء للمصريين أو لعلاقات مصر بغيرها من الدول.
- التوحش الإعلامي أصبح مثل السلاح الذي له حدان خطيران.. الأول في المبالغة، والثاني في الحشد، فلا تفرحوا كثيراً بخروج الآلاف إلي الشوارع بهذا الشكل العشوائي الذي يمكن أن ينقلب إلي كارثة في أي لحظة.
8
- أعود لمباراة الليلة.. وأشعر أنها ستكون ليلة أبوتريكة، الذي اختفي تماما في المباراة الأولي، ولكنه اليوم - بإذن الله - سيعود إلي أبوتريكة رجل المهام الصعبة.
- أبوتريكة الليلة هو مفتاح الفوز، وسوف يفتح الطريق أمام زكي ومتعب لتفكيك الدفاعات الجزائرية والوصول إلي المرمي وإحراز الأهداف.
- النجوم الآخرون سوف يعلنون عن أنفسهم بعد أن تخلصوا من ضغوط المباراة الأولي، خصوصا زيدان وحسني عبدربه وأحمد حسن، وخلفهم العملاق عصام الحضري.
9
- الليلة نحتاج للدعاء أكثر من أي شيء آخر، دعوات المصريين التي سجلت برأس متعب، ولم يسجل متعب برأسه ولو جاءته عشر مرات ما فعلها.
- الدعاء بأن يوفقنا الله، وأن تتواصل الأفراح والخروج إلي الشوارع والاحتفال بالفوز الكبير، لأن هذا الجيل هو الأكثر احتراما في تاريخ الكرة المصرية ويستحقون التكريم.
- الفوز هو الذي يفتح شهية الجميع، بما في ذلك نجوم "التحاليل السياسية" التي تشبه طرائفهم تحليل مسحة أنفلونزا الخنازير.


E-Mail : [email protected]