«الصالونات الثقافية».. رصد لصناعة الوعى بين الماضى والمستقبل
خالد بيومى
كتب- خالد بيومى
مازال الجدل مستمراً حول الصالونات الثقافية باعتبارها ظاهرة ثقافية اجتماعية مناقضة لثقافة الراهن والمستقبل، ثقافة الصورة والإبهار والحركة الدرامية، ومع ذلك يظل للصالونات الثقافية رسالة مهمة لا غنى عنها جوهرها ديمقراطية الحوار والتنوع المعرفى وتقارب النفوس وتنمية البنية المجتمعية، وهو ما يستعرضه د.محمد حسن عبد الله أستاذ النقد الأدبى المتفرغ بجامعة الفيوم، وهو أيضا صاحب صالون أدبى يحمل اسمه أسسه عام 1992 فى ضاحية المعادي، يعقد فى منزله فى الجمعة الأخيرة من كل شهر ويعنى بالتراث العربى أدباً وفكراً ولغة.
يستعرض المؤلف نشأة الصالونات الثقافية وتطورها فى كتابه الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان «الصالونات الثقافية وفاعلياتها فى الوعى العام» ويذكر الشروط الواجب توافرها فى الصالون ومنها: أن يكون فى مكان معين ثابت، وأن يتكرر بوتيرة ثابتة فى زمان محدد، وأن يكون فى رعاية» شخصية» ذات اعتبار وحضور فى المحور أو المحاور الثقافية التى تشغل رواد الصالون وتعطيه لونه وطابعه «شخصيته»، وأن يكتسب صفة العمومية بالنسبة لرواده، فلا يكون مغلقاً على أعضاء أسرة أو سلالة وإن جاز أن يكونوا بين الحاضرين، دون أن يستأثروا بالهيمنة الفعلية على المكان.
فى كتابه أشار «عبد الله» إلى ترسخ صالونات البيوت فى الثقافة العربية مثل مجالس الخليفة المأمون العلمية، ومن قبله مجلس يحيى بن خالد البرمكى، ومجلس يوحنا بن موسوية الذى كان أعمر مجلس فى بغداد، ولفت إلى أن كتاب «الأغانى» لأبى الفرج الأصفهانى كان ثمرة من ثمرات هذه المجالس، كما أن كتاب « الإمتاع والمؤانسة» لأبى حيان التوحيدى» وأن دكاكين كبار الوراقين اشتهرت باتخاذ بعض الأدباء لها كأماكن مختارة يلتقون فيها بزملائهم وتلاميذهم. وأشار المؤلف إلى أن نسبة لا يستهان بها من الصالونات الموغلة فى التاريخ العربى الإسلامى كانت تؤسسها وترعاها نساء من مشاهير العصر، وفى أوروبا هناك صالون مدام «دى ستايل» (1766- 1817) فى باريس، وكان هذا الصالون يجمع أساطين الفن والشعر والفكر، وقد ظهر مصطلح الرومانتيكية فى هذا الصالون وتحددت ملامحه وأصوله من خلاله، قبل أن يكتب عنه فيكتور هوجو مقدمته الشهيرة.









