رشاد كامل
الوفد يعاقب العقاد بفصله نهائيًا!
فشل «مصطفى النحاس» باشا فى إقناع أعضاء الهيئة الوفدية بفصل «عباس محمود العقاد» من الوفد وتقرر عقد اجتماع آخر لمناقشة هذا الأمر!
وفى الاجتماع الثانى حدث ما لم يتوقعه «النحاس باشا» وحسب ما كتبه د.راسم الجمال فى كتابه «العقاد زعيمًا»!
انتهى هذا الاجتماع الثانى أيضًا دون اتخاذ قرار بفصل «العقاد» بسبب تخلف أغلب الأعضاء عن الحضور بما فيهم «مكرم عبيد» الذى تخلف بحجة مرضه الطارئ، على أنه يبدو أنه حدث فى خلاله أو فى أعقابه مباشرة محاولات لإزالة الجفاء بين «العقاد» و«النحاس» وظهرت نتيجة ذلك فى اليوم التالى فى 23 أغسطس ذكرى وفاة «سعد زغلول» حيث زار العقاد السرادقات التى أقيمت فى عدة أحياء بالقاهرة بهذه المناسبة منها أحياء عابدين والقللى وبولاق نائبًا عن الوفد.
والجدير بالذكر أن صحف الوفد وكذلك صحيفة روزاليوسف اليومية قد لاذت بالصمت إزاء كل هذه التطورات السابقة!
ولم يعن هذا تراجع العقاد عن موقفه من الوزارة فقد استمر فى مطاردة نجيب الهلالى، وعندما وجهت وزارة الداخلية إلى روزاليوسف اليومية ما اعتبرته إنذاراً إداريًا لنشرها أخبارًا عسكرية تعرض الأمن للخطر تعنت العقاد مع الوزارة ونظر إلى إجرائها نظرة حساسة، إذ رأى أنه اضطهاد للصحيفة لن يثنيه عن انتقادها وكتب: أما نحن فليس من قصدنا إغضاب الوزارة أو إسماعها ما تكره، بيد أنها إذا كانت تكره النقد وبيان الخطأ والتقصير فما لنا حيلة ولا محيد عما نصنعه وسنثابر على النقد كما ثابرنا من قبل، ولا نرى لوزارة من الوزارات حقًا فى اتقائه والاعتصام منه، بل لا نكتم الوزارة أننا فى الواقع لم نقل كل ما نريد أن نقول، ولكن الوقت سيحين ولا شك لإبراء ذمتنا والتعقيب على جميع أعمالها بلا تحفظ ولا استثناء!
وبُذلت محاولات عديدة لكسب العقاد إلى جانب الوفد كما أظهرها أمام الرأى العام دعوة أحمد ماهر للعقاد على صفحات «كوكب الشرق» إلى أن يحذر الشرك الذى حفره تحت قدميه سواء القصد أو الجهل بعواقب الأمور فى وسط البيئة المحيطة به ولكن العقاد رفض الاستجابة لهذه المحاولات.
وعندئذ بادر «النحاس» فى 2 أكتوبر سنة 1935 إلى إعلان فصل العقاد من الوفد، ومن جميع اللجان التابعة له دون أن يجتمع الوفد لتقرير ذلك إذ اعتبر هذا القرار استكمالًا لقرار فصل الصحيفة!
وقال قرار الفصل الذى أصدره النحاس: بما أن الوفد المصرى فى جلسته الأخيرة التى قرر فيها إقصاء جريدة روزاليوسف من حظيرته قرر فى الوقت نفسه فصل الأستاذ عباس محمود العقاد من الهيئة الوفدية ولجان الوفد إذا ما طعن فى الوفد أو فى قراره.
وبما أن الأستاذ عباس محمود العقاد قد اجترأ فيما نشر من مقالات على الخروج على قرار الوفد وتوجيه أكذب المطاعن وأشدها إمعانًا فى الافتراء إلى هيئته الموقرة.
وبعد أخذ رأى حضرات أعضاء الوفد من جديد قررنا فصل الأستاذ عباس محمود العقاد من الهيئة الوفدية وجميع لجانه المتصلة بالوفد.
وعلقت صحيفة روزاليوسف اليومية على هذا القرار بقولها إنه استجابة لمطلب إنجليزى ألمحت إليه صحيفة «التايمز» واستطردت تقول: فالآن يعلم القراء مرة أخرى من أين جاء الغضب على هذه الصحيفة وعلى الأستاذ العقاد.
وتضيف السيدة روزاليوسف قائلة: فما هى إلا أيام حتى نشبت بين مكرم والعقاد معركة رهيبة تبادلا فيها أقذع الألفاظ».
وللذكريات بقية.






