الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نصـر أكتـوبر فى عيـون الغـرب

نصـر أكتـوبر فى عيـون الغـرب
نصـر أكتـوبر فى عيـون الغـرب




تمر علينا هذه الأيام ذكرى حرب السادس من أكتوبر المجيدة، ذكرى اليوم الذى شهد فيه العالم أجمع على قوة وبسالة الجندى المصرى واستطاعته تحقيق أروع الأمثلة على التفانى فى ميدان المعركة وتحطيمه لأسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يهزم وتمكنه من استرداد آخر ذرة تراب من أراضى سيناء، وعلى مر السنوات التى تلت حرب 1973، نشر العديد من الكتب والمذكرات الشخصية لمن عاصروا هذه الفترة المجيدة سواء من زعماء دول أو مؤرخين.
وبرغم من ندرة الوثائق العربية المفرج عنها والخاصة بهذه الحرب، الأمر الذى جعل الجاد من هذه الكتب يطرح أسئلة بأكثر مما يجيب عن تساؤلات عن حرب أكتوبر التى لم تبح بكل أسرارها حتى اللحظة، إلا أن هناك عددا ليس بقليل من الوثائق الغربية التى طرحت أيضًا تعقيبًا ودراسة لفترة ما قبل حرب 1973 وكيفية الإعداد لها، وعما دار فى الجبهة أثناء الحرب، والعلاقة بين السياسة والعسكرية، وعن الإنجازات والإخفاقات، عن البطولات والتضحيات.. وفيما يلى تستعرض «روزاليوسف» أهم وأبرز هذه الكتب والمذكرات التى عرضها الغرب عن انتصار أكتوبر المجيدة.

■  حياتى: مذكرات جولدا مائير
جاءت مذكرات رئيسة الوزراء الإسرائيلية إبان حرب أكتوبر جولدا مائير، حيث تناولت خلال الفصل الرابع عشر من الكتاب حول هزيمة قوات الاحتلال الإسرائيلية فى ملحمة أكتوبر، وقالت مائير: «لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر متروك للآخرين ولكنى سأكتب عنها ككارثة وكابوس عشته بنفسى وسيظل معى طول العمر».
وعن الدور الأمريكى الذى لعب خلال حرب أكتوبر أوضحت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة فى مذكراتها التى نشرت تحت عنوان «حياتي»، أن السفينة العسكرية الإسرائيلية كادت أن تغرق تماماً وأنها طلبت من الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون إنقاذ إسرائيل من الهلاك وأنها لم تشعر بالارتياح إلا بعد وصول الدعم الأمريكى إلى مطار «الليد».
 وفى النهاية تشير جولدا مائير أن موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى - رمز الأمن فى إسرائيل - كان متشائماً وقدم استقالته مرتين أثناء الحرب وقالت: «دخل على ديان المكتب وظل واقفاً وقال لى هل تريدين استقالتى فأنا مستعد لتقديمها» فأجبته بكل أسف لابد أن يبقى وزير الدفاع فى منصبه ووقف يشرح لى الوضع على الجبهة الجنوبية وكنت أستمع إليه بفزع واشمئزاز شديدين.
وتضيف مائير أنها فكرت فى الانتحار فى الأيام الأولى للحرب خاصة أنها قد صرحت فى أكثر من مرة قبل حرب أكتوبر أن مصر لا تملك القدرة على شن حرب ولا يوجد فى مصر القائد الذى يستطيع اتخاذ قرار حرب وإلا أرسل شعبه للهلاك، وهو ما ثبت خطأه بالدليل القاطع.
■  من كتاب حياتي: مذكرات موشيه ديان
«أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح أننا فوجئنا أننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف، وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى».
ذلك هو ما قاله موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق، وأحد أهم القادة العسكريين فى إسرائيل فى مذكراته التى صدرت باللغة الإنجليزية تحت عنوان «من كتاب حياتي»، وأضاف ديان: «عبر المصريون القناة وضربوا بشدة قواتنا فى سيناء.. وتوغل السوريون فى العمق على مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين.. وكان السؤال المؤلم فى ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الاسرائيليين على حقيقة الموقف السيئ أم لا؟!»
وخلال الكتاب عرض ديان المشاعر والأفكار المتضاربة التى أصابت القادة فى الجيش الإسرائيلى بعد قرار المصريين استعادة أرضهم، وحاول وزير الدفاع الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر، موشى ديان، التعبير عنها وشرح ما حدث خلال حرب الأيام الستة.
وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: «الموقف تلخص فى أن المصريين نجحوا فى أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا فى سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات». وتابع: «وركز المصريون قواهم طوال السنوات الماضية فى إعداد رجالهم لحرب طويلة شاقة بأسلحة متطورة تدربوا عليها واستوعبوها تماما» .
وتحدث ديان عن الخلل الذى واجهه سلاح الجو الإسرائيلى أثناء الحرب، ما دفع برئيسة الوزراء الإسرائيلية وقتها، جولدا مائير، فى طلب المزيد من إمدادات الطيارات من الولايات المتحدة، وقال: «واجه سلاحنا الجوى الكثير من المصاعب، وخسرنا الكثير من الطائرات والطيارين بسبب بطاريات الصواريخ والسلاح الجوى المصر».
وأضاف: «اكتشفنا هذه الحقيقة التى تواجه سلاحنا الجوى فى الأيام الأولى، خاصة عندما حاولنا دفع المصريين مرة أخرى عبر القناة إلى الغرب، كما أننا تخلينا عن خطط الهجوم فى الجبهة المصرية، وهذا معناه أننا تخلينا عن النقط الحصينة فى خط بارليف». وتابع: «ولو كنا استمرينا فى محاولتنا لدفع المصريين عبر القناة مرة أخرى، لكانت خسائرنا فى العتاد والرجال جسيمة».
ثم روى ديان سر نجاح الجيش المصرى فى العبور، قائلا: «إن إسرائيل كانت تمتلك سلاحا متقدما فى ذلك الوقت، لكن ما ميز المصريون هو أنهم كانوا يعرفون كيف يستخدمون أسلحتهم ضد قواتنا ولا أعرف مكانا فى العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مصر، ويمتلك الجيش المصرى العديد من الأنواع المختلفة من السلاح، ويستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية، وكانوا يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام».
■  «أسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية»: ويليام بير
صدر هذا الكتاب فى عام 2003 بمناسبة مرور 30 عاما على الحرب، وقد قام مركز الأهرام للترجمة والنشر بترجمة الكتاب فى عام 2004.
ويقدم الكتاب عددا من الوثائق السرية الأمريكية عن الحرب، وتغطى الوثائق المتضمنة فى الكتاب الفترة بين شهر مايو 1973 وحتى انتهاء العمليات العسكرية وبدء مفاوضات فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل فى مطلع شهر نوفمبر.
ومن أبرز هذه الوثائق، الوثيقة التى تضم محضر الاجتماع بين الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت ريتشارد نيكسون، ووزراء خارجية أربع دول عربية هى السعودية والكويت والمغرب والجزائر ممثلين لكافة الدول العربية، وذلك فى 17 من أكتوبر 1973، ومطالبتهم بتحرير الأراضى العربية ووقوفهم بجانب مصر وسوريا.
■  «1973 الطريق إلى الحرب» د. يجئال كيبنيس
طالما حُمّلت المؤسسة الأمنية فى إسرائيل مسئولية فشلها فى حرب أكتوبر 1973، لكن الكتاب الإسرائيلى الذى صدر فى عام 2012 (1973 الطريق إلى الحرب) والذى يستند لأرشيفات أمريكية وإسرائيلية سرية ينسف الرواية الإسرائيلية التقليدية للحرب بتوجيهه أصابع الاتهام وبقسوة للمستوى السياسى الاسرائيلى لا للجهاز الاستخباري.
يحمل الكتاب الذى يقع فى 365 صفحة، الكثير من الأسرار حول الطريقة التى تعامل بها قادة إسرائيل مع مبادرة روجرز، بالإضافة إلى الفشل والتقصير الإسرائيلى على المستوى السياسى، والذى أدى - فى رأيه - إلى اندلاع حرب أكتوبر 1973، ووصف هذا التقصير السياسى بأنه أخطر بكثير من العمى الذى أصاب رجال الاستخبارات الإسرائيلية، الذين ما زالت مسئولية الهزيمة تلاحقهم حتى اليوم، على حد تعبيره.
■  «البندقية وغصن الزيتون»: دافيد هيرست
وفيه يعرض الصحفى البريطانى دايفيد هيرست تأثير حرب أكتوبر 1973 ليس على الجيش الصهيونى فحسب، بل على المجتمع الإسرائيلى ككل، ويقول هيرست: « إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال، فلأول مرة فى تاريخ الصهيونية حاول العرب ونجحوا فى فرض أمر واقع بقوة السلاح ولم تكن النكسة مجرد نكسة عسكرية بل أنها أصابت جميع العناصر السيكولوجية والدبلوماسية والاقتصادية التى تتكون منها قوة وحيوية أى أمة وقد دفع الإسرائيليون ثمنا غاليا فى مواجهتهم للجيش المصرى وفقدوا فى ظرف ثلاثة أسابيع وفقا للأرقام الرسمية ٢٥٢٣رجلا وهى خسارة تبلغ من حيث النسبة ما خسرته أمريكا خلال عشر سنوات فى حرب فيتنام مرتين ونصف».
وأضاف الصحفى البريطانى فى كتابه: «لقد أسفرت الحروب الإسرائيلية العربية السابقة عن صدور سيل من الكتب المصورة المصقولة الورق تخليدا لذكرى النصر، أما فى هذه المرة فإن أول كتاب صدر فى إسرائيل عن حرب أكتوبر كان يحمل اسم «المحدال» أى (التقصير)».
■  «المحدال» شهادة مراسلين
«المحدال» ويعنى بالعبرية «التقصير» وهو كتاب صدر عن سبعة من المراسلين العسكريين الإسرائيليين الذين شاهدوا حرب أكتوبر، وهم بن فوران مراسل صحيفة يديعوت أحرنوت ويهونتان جيفن كاتب فى صحيفة معاريف، وأوردى دان المرسل العسكرى لمعاريف أيضًا، وإيتان هيفر المراسل العسكرى ليديعوت أحرونوت، وحيزى كرمل معلق متخصص بشئون الشرق الأوسط، وإيلى لندا المراسل العسكرى لصحيفة معاريف، وأيلى تايور محرر بمجلة هعولام هازيه.
ويعتبر هذا الكتاب بمثابة شهادة من قبل المراسلين الصحفيين على الفشل الإسرائيلى وفشل جهاز الموساد فى مواجهة الجيش المصرى الباسل ويحتوى على 17 فصلا 350 صفحة , وفى مقدمة كتابهم أوضح الكتاب مدى كذب جهاز المخابرات الإسرائيلى من خلال الدعاية الواشية التى تعمل بدون كلل لنشر أخبار وبيانات ملفقة خلال الحرب فقد ذكروا فى الكتاب أنه فى صباح الأحد 7 أكتوبر 1973 خلال ساعات كانت عناوين صحف إسرائيل: «الجيش الإسرائيلى يصد العدو، الجيش الإسرائيلى على وشك الانتقال إلى الهجوم المضاد، الجيش الإسرائيلى يتوغل فى سيناء، جولدا مائير تقول الجيش الإسرائيلى لم يفاجأ وهو الآن مستعد للهجوم، موشى ديان وزير الدفاع يقول سنضرب المصريين ضربا مبرحا، رئيس الأركان يقول سنكسر عظامهم على لحومهم»، وهذه التصريحات وغيرها كانت العناوين الرئيسية للصحافة الإسرائيلية بعرض صحيفة بكاملها مثل صحف دافار ويديعوت احرينوت وها آرتس وغيرها.
ثم يوضح كتاب «المحدال» ويقولون: «إن الاستخبارات الإسرائيلية هى أحد أجهزة المخابرات الممتازة فى العالم، ولكن من الصعب تفسير قصور جهاز الموساد خلال حرب يوم الغفران، وجعلت المخابرات المصرية تتفوق عليها بل وتخدعها ويبدو أن جهاز الموساد أصيب بعمليات تلوث مشابهة لما أصاب جميع مجالات الحياة فى المجتمع الإسرائيلى منذ حرب الأيام الستة، حيث فشل جهاز الموساد فى كثير من الأحداث، فى نفس الوقت فإن جهاز المخابرات المصرية دأب على الاستفادة من سلبيات الماضى وقدم عملاً إيجابيًا للأمن القومى المصرى استطاع أن يواجه بقوة كل العدائيات التى تعرضت لها مصر».
■  «الأيام المؤلمة فى إسرائيل»: جان كلود جيبوه
يصف الكاتب الفرنسى جان كلود جيبوه اللحظات الأخيرة فى حياة ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلى حيث قال: « فى الساعة العاشرة والدقيقة السادسة من صباح اليوم الأول من ديسمبر أسلم ديفيد بن جوريون الروح فى مستشفى تيد هاشومير بالقرب من تل أبيب، ولم يقل ديفيد بن جوريون شيئا قبل أن يموت غير انه رأى كل شيء، لقد كان فى وسع القدر أن يعفى هذا المريض الذى أصيب بنزيف فى المخ يوم ١٨ نوفمبر١٩٧٣من تلك الأسابيع الثمانية الأخيرة من عمره، ولكن كان القدر قاسيا ذلك إن صحوة رئيس لمجلس الوزراء الإسرائيلى فى أيامه الأخيرة هى التى جعلته يشهد انهيار عالم بأكمله، وهذا العالم كان عالمه، لقد رأى وهو فى قلب مستعمرته بالنقب، إسرائيل وهى تسحق فى أيام قلائل نتيجة لزلزال أكثر وحشية مما هو حرب، ثم راح يتابع سقوط إسرائيل الحاد وهى تهوى هذه المرة من علوها الشامخ الذى اطمأنت إليه، حتى قاع من الضياع لا قرار له».
■  الحرب الحقيقية: مذكرات ريتشارد نيكسون
كانت مذكرات الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون وهو الرئيس37 للولايات المتحدة الأمريكية، إبان فترة حرب أكتوبر المجيدة.
وجاء وصف نيكسون فى مذكراته «الحرب والحقيقة» حول انتصار 1973 وقال: «إنها خيبة أمل كبيرة من المخابرات المركزية الأمريكية C.I.A وكذلك من المخابرات الإسرائيلية المتعاونة معها والتى كنا نظن أنها ممتازة.. إننا لم نظن أن حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ سوف تندلع ضد إسرائيل إلا قبل ساعات قليله من اندلاعها».