الإثنين 28 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فيلم كنسى عن خراب «أورشليم»!

فيلم كنسى عن خراب «أورشليم»!
فيلم كنسى عن خراب «أورشليم»!




كتبه - مايكل عادل


«توبوا وارجعوا إلى الله » هكذا كانت صرخة أرميا النبى فى خضم الأحداث الرهيبة لشعب أورشليم الذى نسى ونبذ الله، فدعاهم إلى التخلى عن الأوهام وإعطاء الله مكانته اللائقة به، وبدأ يُشعر باكياً فى مراثيه :«كيف جلست وحدها المدينة الكثيرة الشعب كيف صارت كارملة العظيمة فى الأمم السيدة فى البلدان صارت تحت الجزية، تبكى فى الليل بكاء و دموعها على خديها ليس لها معز من كل محبيها كل أصحابها غدروا بها صاروا لها أعداء».
كل تلك الصرخات والأحداث العصيبة والعميقة، جسدها فيلم «أيخ؟!» هو الفيلم الدرامى الأول فى مصر يتناول ملامح وجوانب من حياة النبى أرميا الذى عاش نحو 650 إلى 585 ق.م، والشهير بـ»النبى الباكي»، والجديد فى الفيلم أن أجزاء منه ناطق باللغة العبرية وهى اللغة التى كان يتحدث بها أرميا .
فيلم «ايخ؟!» من انتاج كنيسة القديسة دميانة بالهرم، وفكرة وإخراج فادى عاطف، وبطولة الفنان القدير عاصم سامى بمشاركة رشيد رأفت وكيرلس متى، حيث سيقدم الفيلم فكرة جديدة من نوعها وغير معتادة على المسيحيين فى مصر والعالم، حيث لم يقدم حياة النبى ارميا فقط من الناحية التاريخية وإنما حرص على مزج حياة أرميا بحياة السيد المسيح وترابطهما معا مع حياتنا اليومية، ليقدم الفيلم حالة استثنائية لأزمنة مختلفة متتالية.  
الفيلم الذى سيتم عرضه الأول فى حفل افتتاح على مسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية يوم 31 اكتوبر المقبل، حصل على موافقة لجنة المصنفات الفنية بالكنسية القبطية الأرثوذكسية، بعد أن انعقدت أكثر من جلسة برئاسة الأنبا مارتيروس أسقف عام كنائس السكة الحديد وحضور الأعضاء «القمص مرقس عبد المسيح، والقس مارتيروس فوكيه، والفنان سمير فهمى، والمؤرخ الكنسى نشأت زقلمة، وذلك لمشاهدة فيلم «أيخ؟!»،
وعبرت اللجنة عن إعجابها الشديد بالفيلم وبرسالته غير المعتادة على الميديا المسيحية وتنفيذها بشكل مختلف وتقنى عالى الجودة، وأكدت موافقتها بعرض الفيلم على الجمهور العام بعد حصول القائمين على الفيلم الموافقة الكنسية الرسمية.
اسم الفيلم «أيخ؟» الذى أثار تساؤلات عديدة من قبل الأقباط على مواقع التواصل الاجتماعى، هى المنطوق العبرى لترجمة أداة الاستفهام باللغة العربية «كيف؟»، وذلك للتعرف على الثقافات واللغات التى سجلت بها أسفار العهد القديم لكونها الأدق على توصيل المغزى الروحى فور ترجمة الكلمة إلى أصلها.
«أيخ؟!» هى أول كلمة فى سفر مراثى ارميا أحد أسفار العهد القديم وهو عبارة عن مجموعة خطابات رثاء تشبه الرثاء الذى نطق به داود توجعًا على شاول الملك، وابنه يوناثان لما سقطا على جبل جلبوع، وكان أرميا بطبيعته رقيقاً فى مشاعره وعواطفه، وإن كانت له صورة مغايرة فى رسالة القضاء القاسى، التى كان عليه أن ينادى بها، ولقد جعله الله فى تبليغ رسالته مثل الحديد صلباً لا يلين هذا التناقض بين مشاعره الشخصية الرقيقة الدافئة، وبين رسالته الصارمة، يظهر بوضوح - مرات عديدة - فى تعبيراته القلبية فى نبواته.
وحرص أعضاء اللجنة عقب مشاهدة الفيلم، بعقد جلسة مناقشة مع المخرج فادى عاطف الذى جاوب على كل استفسارات اللجنة، والفنان عاصم سامى الذى قام بدور أرميا النبى، ودار النقاش حول كيفية استيعاب المشاهدين لرسالة الفيلم من بداية حياة أرميا النبى مرورًا بحياة السيد المسيح وحتى يومنا هذا.
وكان للقائمين على الفيلم، الحديث مع أحد عشاق مراثى ارميا داخل الكنيسة وهو القمص داود لمعى كاهن بكنيسة القديس مارمرقس الرسول بكليوبترا الذى قال: «إن أرميا النبى استشهد فى مصر بالرجم، فكأن مصر قد أخذت بركته».
وأضاف فى حديثه للإعلان عن الفيلم الجديد: «مبروك علينا فيلم جديد عن أرميا النبى وهو واحد من أنبياء العهد القديم ونطلق عليهم الأنبياء الكبار، وأرميا النبى تنبأ عن المسيح وعن خلاص العهد الجديد، قيل عنه فى سؤال مشهور فى العهد الجديد ماذا يقول الناس عنى أنا ابن الإنسان؛ كانت إحدى الإجبات : أرميا النبى، وكأن اليهود تصوراً أن المسيح فى اتضاعه ووداعته وحنيته قريب لما تخيلوه عن أرميا النبى» .
وأشار القمص داود الى ان أرميا مشهور بدموعه فهو صاحب الشعار الذى قال فيه: يا ليت رأسى ماء وعيناى ينبوع دموع فأبكى نهارًا وليلًا على قتلى بنت شعبى، مضيفا: «نفتكر مراثى أرميا عندما رأى الهيكل بيتحرق امامه وخراب أورشليم فلم يكن لديه سوى يقدمها لربنا ويقدمها للتاريخ، وفى الآخر أرميا النبى استشهد فى مصر بالرجم، فكأن مصر كمان اخذت بركة أرميا النبي».
من جانبه، القس موسى رشدى كاهن بكنيسة الأنبا أنطونيوس بروزرهام-إنجلترا وهو الذى قام بتأليف وتلحين ترانيم الفيلم : إن فيلم أيخ؟ هو أول فيلم تاريخى مسيحى يجسد ملامح عصر وشخصية أرميا النبى باللغة العبرية، وهو عمل مميز يستحق المشاهدة».
وأكد أن حياة أرميا النبى كانت مثمرة بفضيلة الصلاة والمنجاة لله من أجل شعبه فاستحق أن يكون له نبراس نهتدى به فى تلك الأيام هادمين كل يأس وعجز فى جوانب حياتنا».
فيما كشف مخرج الفيلم فادى عاطف أن الفيلم الجديد تعرض الى صعوبات فى البداية ولكن إصرارنا على استكمال العمل كان هدفا واضحا أمامنا، وبالفعل تعاونا جميعا حتى نهدى لمصر وللكنيسة فيلما تاريخيا يليق بالمشاهدة.
وقال فادى: إنه سعيد جدا بهذه التجربة والعمل مع الفنان عاصم سامى الذى أدى دوره بإقناع شديد وكأنه أرميا النبى، وأضاف: «حرصت على اكتشاف جيل جديد من الفنانين الشباب الذى اعتقد انهم سيكون لهم أدوار أخرى فى السينما القبطية»
أما بطل الفيلم وهو الفنان عاصم سامى فأكد أن شخصية أرميا النبى لها مكانة كبيرة لدى الكنيسة القبطية وبالتالى لم يتردد لحظة لقبول دور البطولة، وقال قمت بقراءة كل شىء عن أرميا النبى وطبيعة شخصيته وعاطفته الجياشة، وأتمنى أن ينول الفيلم إعجاب كل من يشاهدوه.
وُلد أرميا عام 646 ق.م فى أواخر حكم منسى ملك يهوذا، الذى عبد الأوثان وسار فى الشر، ولكنه فى نهاية حياته تاب وعاد إلى الله، وإن كان لم يستطع أن يعيد شعبه إلى الله، بل ظل يعبد الأوثان، وفى سن الرابعة من عمر أرميا مات منسى وملك ابنه آمون على يهوذا، وهذا سار فى الشر وعبد الأوثان أيضاً. ومعنى هذا أن الجو المحيط بأرميا كان فاسداً والشعب يميل لعبادة الأوثان والابتعاد عن الله.
ولما بلغ أرميا السابعة والثلاثين من عمره قام نخو ملك مصر على رأس جيش للاستيلاء على الشام، مستغلاً ضعف مملكة أشور، فاندفع يوشيا الملك لمقاومة نخو ومنعه من الوصول إلى أشور، وهذا كان اندفاع من يوشيا الذى لم يطلب الله، فقتل فى معركة مجدو عام 608 ق.م
عاش أرميا النبى فى الأيام الأخيرة لأمة إسرائيل المتهاوية وكان آخر الأنبياء الذين أرسلهم الله لكى يكرزوا فى المملكة الجنوبية التى كانت تتكون من أسباط يهوذا وبنيامين.
كان الله قد أنذر إسرائيل تكراراً لكى يوقفوا أفعالهم الوثنية، ولكنهم لم يصغوا له، فقام بتمزيق الأسباط الإثنى عشر وتشتيتهم بإرسال العشرة أسباط الشمالية إلى السبى على يد الآشوريين ثم أرسل الله أرميا إلى بنى اسرائيل بتحذير أخير قبل طردهم من الأرض، والقضاء على الأمة وإرسالهم إلى الأسر فى مملكة بابل الوثنية.
وبسبب تكذيب بنى اسرائيل وتحذيره لهم بالخراب، ألقوا القبض عليه وسجنوه، وذلك فى عهد ملكهم صدقيا، وبعد أن مكث فى السجن عشر سنين أرسل الله عليهم نبوخذ نصر وجحافل عساكره، فنزل فى أراضيهم، وبطش بهم، وقتل منهم جمعا غفيرا، وخرب ديارهم، وسبى الآلاف منهم، ثم أمر بهدم بيت المقدس، وأسر صدقيا الملك، وذلك عام758 ق.م
ولما علم نبوخذ نصر أن أرميا يوجد فى أحد سجون بنى إسرائيل، وكونه من الأنبياء الذين أرسلهم الله إليهم ليرشدهم ويهديهم طريق الحق والصواب، ولكنهم كذبوه وعذبوه ثم حبسوه، فأمر بإطلاق سراحه من السجن.
حاول اليهود الالتجاء إلى مصر ولكن أرميا أعلن لهم ضرورة الخضوع لبابل، فالخضوع لها هو خضوع لله وضرورة قبول التأديب البابلى؛ ليتوبوا أما هم فأصروا على الهرب إلى مصر، بل حملوا أرميا معهم بالقوة إلى مصر.
وفى مصر ظل أرميا يدعو شعبه للرجوع إلى الله ولكنهم للأسف قدموا عبادة للآلهة الوثنية فى مصر، فأعلن لهم أرميا أن إصرارهم على رفض الله سيؤدى بهم إلى الفناء؛ لأن نبوخذنصر سيهجم على مصر ويدمر آلهتها، بعد أن ينتصر عليها أما هم فقست قلوبهم واستمروا فى عبادة الأوثان بل حنقوا على إرميا وقاموا عليه ورجموه فى مصر، فمات شهيداً، بعد أن بلغ من العمر ستين عاماً، كما يذكر التقليد اليهودى.
واستشهد أرميا فى مصر بعد أن تنبأ أربعين عاماً لشعبه واحتمل آلاماً كثيرة وتعرض للموت عدة مرات، فكان رمزا للمسيح، الذى رفضه شعبه، ومات أرميا بيد شعبه- مثل السيد المسيح- بعد أن تمم أرميا خدمته فى طاعة عجيبة.
ودعا أرميا، الرجل الأمين الذى يخاف الله، لكى يخبر إسرائيل أن الله قد تحول ضدهم بسبب خطاياهم التى لم يتوبوا عنها، وأنه الآن على وشك إزالتهم من الأرض على يد ملك وثنى.
أرميا الذى كان عمره 17 عاماً عندما دعاه الله، واجه صراعاً داخلياً كبيراً بشأن مصير شعبه، وتوسل إليهم أن يصغوا إلى كلامه ويُعرف أرميا بأنه «النبى الباكى» لأنه ذرف دموع الحزن، ليس فقط لأنه كان يعلم ما سيحدث، بل لأنه رغم محاولاته الحثيثة لم يستمع الناس إليه، والأكثر من ذلك، لم يجد لنفسه تعزية بشرية وكان الله قد منعه من الزواج أو إنجاب الأبناء وتخلى عنه أصدقاؤه، لهذا، لابد أنه شعر بالوحدة القاسية بالإضافة إلى عبء معرفة الدينونة المنتظرة.
عرف الله أن هذا هو أفضل شىء بالنسبة لأرميا، لأنه أخبره عما سيؤل إليه الحال بعد وقت قصير، إذ كان الرضّع والأطفال والكبار سيموتون موتاً «محزناً» مع عدم إمكانية دفنهم، بل ستكون جثثهم طعاماً للطيور.
ومن الواضح أن شعب إسرائيل كان قد تقسى بسبب تأثير الخطية حتى أنهم لم يعودوا يصدقون الله أو يخافونه وعظ أرميا لمدة أربعين سنة، ولم ير نجاحاً حقيقياً فى تغيير أو تليين قلوب وأذهان هذا الشعب العنيد.
الفيلم الجديد «أيخ؟!» فكرة وإخراج فادى عاطف، وأشعار وترنيم: القس موسى رشدى، مراثى أرميا: أنطون إبراهيم عياد، موسيقى تصويرية: نادر نبيل، ماستر وتصميم شريط الصوت: جرجس صبحي، ماستر الترانيم: بيشوى مجدى، منتج فنى: مينا نبيل، مدير الإنتاج: بيتر ألبرت، مونتاج: ريمون عماد، مكياج: جينو، تصميم أزياء: سماح معتوق، لغة عبرية: عمرو عادل، Colorist: فادى ثروت، Art Director: أسامة الهجان، Stylist: سماح سامح، VFX: حسين محيى، Typography: فادى فوزى، مدير تصوير: مينو نبيل، مساعد مخرج: كريستين عاطف ومارك إسحق، مخرج منفذ: كريستين هشام وبيتر أشرف، وسيناريو وحوار: فادى عاطف، وجورج عزت.