الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وطنية «صلاح منصور»

وطنية «صلاح منصور»

لا أحد يملك صك الوطنية يهبه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، لكن هناك ثوابت لا يمكن الاختلاف عليها هى الانتماء لهذا الوطن،حبه بلا مقابل. الوطنية ليست فى التعالى والغرور، لم ولن تكون مجموعة صور تجمع شخص – أى شخص-  بعلية القوم،ولن تكون أيضا فى وصلات السباب واللعان لمن يدافع عن قناعاته، الوطنية الحقيقة هى حب الوطن بلا مقابل منتظر،الاختلاف حوله وليس عليه. تعرف «صلاح منصور» بالتأكيد، ممكن تكون عشقت أو كرهت دوره الخالد العمدة عتمان  فى فيلم «الزوجة الثانية» وممكن تكون تعاطفت أو احتقرت أبوالعلا»شكرى سرحان» المغلوب على أمره، أو رأيته سلبيا،لايدافع عن شرفه كما الرجال، وممكن تكون شعرت بالحزن على مصيرفاطمة «سعادحسنى» وتعاطفت وسعدت بخطتها للهروب من العمدة الظالم المستبد.  «صلاح منصور» له وجه آخر تماما، رجل عاش كما من المآسى والحزن يكفى العالم، لكن ما أريد أن أحدثك عنه اليوم هو وطنية صلاح منصور،عشقه لبلده،حبه لوطنه بلا مقابل. أهم المواقف التى حَدثت فى حياة الفنان الراحل، كانت أثناء لقائه بالرئيس  الراحل محمد أنور السادات فى أعقاب حرب أكتوبر المجيدة عندما عانقه وبكى  بعد انتصار مصر فى الحرب. «صلاح منصور» جاءه خبر استشهاد نجله فى عام 1973، استقبل الخبر بثبات شديد، ووزع «حلويات» و«شربات» على جيرانه، ونزل إلى الشارع والدموع فى عينيه ليكمل توزيع  الحلوى على المارة،ثم تَبرع بمكافأة ومعاش ابنه الشهيد لصالح تسليح الجيش المصرى، فكان نموذجاً مُبهراً فى الوطنية. لم يزايد على وطنه ولم يتاجر باستشهاد ابنه،لم يطلب شيئا لنفسه،فعل ذلك ببساطة ورضا،وحبا فى الوطن. وبعد سنوات قليلة من استشهاد ابنه الأول تلقى صلاح منصور الصدمة الثانية بوفاة ابنه الثانى بعد فترة علاج طويلة وإجراء عدة عمليات جراحية. «صلاح منصور» كان مؤمنا بأن الإنسان بلا وطن هو كيان بلا روح، جسد بلا إحساس، فالفاقد للوطن فاقد للأمن والاستقرار، والفاقد للأمن والاستقرار فاقد للاطمئنان، والوطن بلا أمن واستقرار غابــة يعيش فيــها القـوى ويهان فيها الضعيف. الوطنية لاتقاس بمكاسبك الشخصية، لا تتحدد بموقع المرء كأن يكون وزيراً أو رئيساً أو ابن سفير أو رجل أعمال أو فقير ومعدم.. الوطنية تنبع من الضمائر الحية التى تعشق هذا الوطن وتتفانى فى حبه، فكيف تستقيم الوطنية مع الفساد؟ كيف تستقيم الوطنية مع متطلباتك الشخصية ووضعها مقياسا لهذا الحب،كيف تستقسم الوطنية مع التغنى بحب البلد حين تتوافق مع مصالحك ومع أول اختبار حقيقى تعلن غضبك وكرهك وترفع راية «يارب هجرة».. كيف تمنح نفسك صك الوطنية وتنزعه عن آخرين مخلصين لوطنهم كيف تقرر أن «س» أو «ص» من البشر لا يؤتمن على الوطن؟  الوطنية لم ولن تكون أن  نتغنى ليل نهار بحب الوطن، يجب أن نترجم حبنا لأفعال، لا ننتظر من أحد أن  يوجهنا، ولا نعاقبه على انه لم يدعونا إلى مكتبه،أو حفلاته، ولا نتحمس أكثر حين نلتقط صورة معه.،ولا نعاقب وطن بسبب تجاهل شخص ما، لنا، حب الوطن لا يتجزأ. اتخذ ما كتبه الراحل الكبير  جمال الغيطانى فى كتابه ملامح القاهرة فى ألف سنة نبراسا، قال: «أى نموذج إيجابى يصبح مصدر إزعاج للخائن، ويسعى بكل قوته للقضاء عليه.. الخائن يبتدل كل ما تبقى من إنسانيته شيئا فشيئا فى سبيل إرضاء سيده الجديد والخائن يصبح مبالغا فى العداء لقومه، يود إبادتهم كلهم وكأنه يريد إطفاء العيون التى تتطلع إليه باحتقاره». أنت مؤمن بقضية،دافع عنها بلا مقابل،لا تنصاع لأوامر من أحد، قدم مصلحة وطنك على كل المصالح. دافع عن مبادئك إذا كنت حقاً مؤمنا بها، انتقد ماتراه عينك مسيئا للمصلحة العامة ولا تبالى أن يغضب عليك أحد... الأشخاص زائلون..والأوطان باقية.