
أ.د. رضا عوض
أم حكيم بنت الحارث
(زوج عكرمة بن أبى جهل) أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومية بنت أخى أبى جهل عمروبن هشام عدو الله ورسوله وأمها فاطمة بنت الوليد.كانت أم حكيم تتمتع بعقل ثاقب وحكمة نادرة، زوجها أبوها الحارث في الجاهلية من ابن عمها عكرمة بن أبى جهل، وهو من النفر الذين أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إهدار دمهم, فلما انتصر المسلمون وتم فتح مكة هرب عكرمة إلى اليمن، وهو يعلم ما توعده من رسول الله.ودخل الناس فى دين الله أفواجًا وأسلم الحارث بن هشام، وأسلمت ابنته أم حكيم فحسن إسلامها، وكانت من اللاتى بايعن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام, وشعرت أم حكيم بحلاوة الإيمان تملأ كيانها فتمنت أن يذوق حلاوة الإيمان ولذتها أحب الناس إليها وأقربهم إلى نفسها زوجها عكرمة بن أبى جهل. وقادتها حكمتها وعقلها إلى الذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب الأمان لزوجها إذا عاد مسلمًا. وغمرت السعادة قلبها، وهى تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفح عنه ويؤمنه على نفسه. واندفعت أم حكيم مسرعة تتبع زوجها الهارب لعلها تدركه قبل أن يركب البحر، وعانت من وحشة الطريق وقلة الزاد، ولكنها لم تيأس ولم تضعف فالغاية عظيمة يهون من أجلها الكثير، وشاءت قدرة الله لها أن تدرك زوجها فى ساحل من سواحل تهامة، وقد كاد يركب البحر. فجعلت تناديه قائلة: يا ابن عم.. جئتك من أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس فلا تهلك نفسك، وقد استأمنت لك منه فأمنك. فقال لها عكرمة: أوقد فعلت ذلك؟ قالت: نعم.ثم أخذت تحدثه عن شخص الرسول الكريم وكيف دخل مكة وكسر أصنامها وكيف عفا عن الناس بقلبه الكبير ونفسه المنفتحة لكل إنسان. وهكذا نجحت أم حكيم بزرع البذور الطيبة فى نفس زوجها، وعادت به إلى رسول الله ليعلن إسلامه بين يديه وليجدد بهذا الإسلام شبابًا كاد أن يضيع فى ظلمات الجهل والوثنية. وفتح رسول الله ذارعيه ليحتوى الشاب العائد بكلية ليعلن ولاءه لله ولرسوله. وما كاد عكرمة ينهل من نبع العقيدة الإسلامية حتى فجرت فى نفسه إيمانًا صادقًا وحبًا خالصًا دفعه إلى أرض المعركة، ومن ورائه من بنيه كل قادر على حمل السلاح.وعلى أرض المعركة بايع عكرمة أصحابه على الموت فى سبيل الله وصدق الله فصدقه وحاز على وسام الشهادة فى سبيل الله.ولم تجزع أم حكيم المرأة المؤمنة الصابرة وقد استشهد فى المعركة أخوها وأبوها وزوجها وكيف تجزع؟ وهى تتمنى لنفسها أن تفوز بالشهادة مثلهم والشهادة أسمى وأنبل ما يتمناه المؤمن الصادق. وبعد فترة من الزمن على استشهاد زوجها خطبها قائد المسلمين الأموى خالد بن سعيد رضى الله عنه فلما كانت وقعه مرج الصفر أراد خالد أن يدخل بها فقالت له أم حكيم: لوتـأخرت حتى يهزم الله هذه الجموع.فقال: إن نفسى تحدثنى أنى أقتل.قالت : فدونك.فأعرس بها عند قنطرة عرفت فيما بعد بقنطرة أم حكيم. ثم أصبح فأولموا فلما فرغوا من الطعام حتى وافتهم الروم واندفع العريس القائد إلى قلب المعركة يقاتل حتى استشهد فشدت أم حكيم عليها ثيابها وقامت تضرب الروم بعمود الخيمة التى أعرست فيها فقتلت من أعداء الله يومئذ سبعة منهم.