
حازم منير
يوم لحقوق الإنسان
احتفل العالم أول أمس – الثلاثاء – باليوم العالمى لحقوق الإنسان، وتنوعت أشكال الاحتفالات، من مكان لآخر، ومن جمعة لأخرى، وفقًا لموقع كطرف من الأحداث العالمية، لكن السؤال الذى لم يطرح، أوعلى الأقل لم يفرض نفسه، ما هوالهدف الذى تحدد من أجله الاحتفال فى هذا العام . فى الأغلب، فإن الاحتفالات تمت كما كل عام، بيانات أورسائل، مؤتمرات أوندوات، تلقى بالعظات والحكم والمواعظ ، أوتندب واقعًا وتتهم آخر، أو تعلن أرقامًا وتقدم معلومات، وجميعها تتمنى مستقبل أفضل للبشرية . المشكلة الحقيقية أننا لم نسمع منظمة أممية أودولية واحدة، تطرح تساؤلًا على المجتمع الدولى، عن جدوى الوثائق التاريخية لمبادئ حقوق الإنسان الرشيدة، وقدرتها على فرض نفسها، على المجتمع الدولى، وإثبات صدقيتها ومصداقيتها، بعد كل المتغيرات التى لحقت بالعالم، وتركت بصماتها السوداء على هذه الوثائق النقية . الشاهد أن السنوات العشرين الأخيرة، شهدت انتهاكات واضحة، للمبادئ والوثائق البشرية، وهى ليست انتهاكات وخروقات تقليدية كتلك التى ننتقد بها سجل حقوق الإنسان فى دولة ما، وإنما هى انتهاكات وخروقات من الذين يحملون راية الحقوق أنفسهم . الحاصل أن خلط السياسة بالمبادئ الحقوقية، أثمر خطايا عدة، من أهمها وأكثرها تأثيرا، تراجع ثقة الناس بالمبادئ الحقوقية، وتشككها فى جدية الحديث عن حماية حقوق الإنسان، وجدوى الملف بأكمله، الذى تحول إلى شبكة للمصالح، بدلًا من جبهة للحماية . واللافت أن أحداثا كبرى، لا يلتفت لها القائمون على الأمر، مثل فناء البشر فى اليمن من الأوبئة والكوارث الناجمة عن حروب مدعوم أطرافها، أوتزايد قهر وقمع الاحتلال الإسرائيلى آخر استعمار فى العالم للشعب الفلسطينى، وصمت المجتمع الدولى بل أحيانا دعم العدوان، وكما يجرى فى سوريا أوفى العراق، وأمثلة أخرى عديدة، يمكن إيرادها فى هذا الشأن، كلها أدلة دامغة على تسييس المبادئ الحقوقية . الشاهد أن مواقف وحملات ضخمة، ترصدها وتلحظها من منظمات أممية ودولية، ضد أحداث أقل أهمية بكثير، من انتهاكات جماعية لحقوق شعوب، لا يلتفت لها أحد، أويمنحونها اهتماما شكليا، لمجرد التستر خلفه، خوفا من كشف الانحياز. حين تختلط المصالح بالمواقف تتوه المبادئ، والواقع يؤكد أن قواعد حقوق الإنسان، تحولت من مبادئ إلى أدوات لحماية المصالح، وإلى وسائل للضغط السياسى للاستجابة لتصورات أومخططات مطلوب تنفيذها فى الواقع، وهكذا تمكن القائمون على الأمر، من استخدام المبادئ المُثلى مطية لأهدافهم وأغراضهم السياسية . اللافت انه وبعد مرور 71 عامًا على إصدار الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، واستمرار احتفالات الدول والمنظمات على مختلف مستوياتها كل عام بذكرى الإعلان، والاحتفالات باليوم العالمى لحقوق الإنسان، لم يسأل أحد طوال هذه المدة أين وصلت مسيرة حقوق الإنسان، وللحقيقة دائما التركيز فى الأسئلة على انتهاكات الدول والحكومات لحقوق الناس، لكن أحدا لم يسأل عن انتهاكات الدول والمنظمات نفسها للمبادئ الحقوقية لصالح المصالح السياسية. المؤكد أننا نحتاج إلى وقفة جادة لمراجعة الأمر قبل فوات الأوان، ونبحث عن إجابة لسؤال جوهرى، كيف نحمى مبادئ حقوق الإنسان من توظيفها فى أغراض سياسية .